عندما شن ابي أحمد وحلفاؤه حربهم على إقليم تغراي في نوفمبر الماضي وارتكبوا انتهاكات ضد المدنيين خصوصاً النساء والأطفال، وقف المجتمع الدولي بتكويناته المختلفة، المنظمات الدولية المعنية، وسائل الإعلام الدولية، الدول الديمقراطية ومدافعو حقوق الإنسان ضد تلك الانتهاكات وطالبوا بإيقافها ومحاسبة مرتكبيها وكذلك فعلت أغلب تيارات المعارضة الوطنية الإريترية.

الضغوط التي مُورست ضد حكومة ابي احمد لم يكن سببها الرئيس القدرات الدبلوماسية والإعلامية للوياني، فقدرات الحكومة الإثيوبية في المجالين تفوقها كثيراً، كان السبب الرئيس فيها هو طبيعة تلك الحرب الإثنية والأدوات والأساليب التي اُستخدمت فقد أثارت انتباه العالم وتخوفه من حدوث إبادة جماعية وتطهير عرقي لسكان إقليم تغراي.

بعد انتصارها عسكرياً واستردادها السيطرة على جزء كبير من أراضيها، شنت ولا تزال قوات دفاع تغراي هجمات على إقليمي الأمهرا والتغراي وتسببت في نزوح مئات الآلاف من المدنيين من منازلهم وارتكبت انتهاكات ضدهم.

رفض العالم للحرب على إقليم تغراي لا يعني إعطاء قيادة الإقليم الحق في ترويع مدنيين في أقاليم أخرى داخل بلادهم أو التهديد باجتياح بلد آخر. كل المبررات التي قدمها قادة التغراي لمهاجمتهم إقليم العفر غير مقبولة فالإقليم لم يشارك في الحرب ضدهم وحتى لو كان شارك فعمليات الانتقام لن يقبلها أو يقرها القانون الدولي، وإلا ستكون مبررات الديكتاتور أسياس أفورقي في الاشتراك في الحرب ضد إقليم تغراي أيضاً مقبولة.

أنا على قناعة بأن قيادة تغراي تريد الانفصال من إثيوبيا لكنني على قناعة أيضاً أن العائق أمام قيام دولة مستقلة في تغراي ليس فقط مأزق الإقليم الجيوسياسي إنما أيضاً عقلية العزلة لدى قيادته. مثلما أخطأ أسياس بتجاهل الاعتبارات القانونية، السياسية والإنسانية باشتراكه في الحرب على إقليم تغراي هم أيضاً يتجاهلون تلك الاعتبارات عندما يتحدثون أو يحرضون جيشهم ومواطنيهم ضد إريتريا. تحريض موطني التغراي ضد إريتريا لن يجلب لهم أية منفعة، هذا سيحولهم من ضحايا إلى جلادين.

تحتج قيادة تغراي أن جزءاً من أراضيها محتل من قبل الأمهرا. النزاع بين التغراي والأمهرا حول تلك المنطقة نزاع داخلي بينما النزاع بين إريتريا وإثيوبيا حول منطقة بادمي نزاع بين دولتين صدر بخصوصه قرار من جهة دولية مختصة اعتبر المنطقة تابعة لإريتريا لكن قيادة التغراي لا تريد الاعتراف بهذا القرار وفي نفس الوقت تريد الاعتراف لها بتبعية منطقة الولغايت بالاستناد إلى دستور أشرفت هي على صياغته وإقراره.

بدأت الضغوط الدولية لإيقاف الحرب في شمال إثيوبيا تشمل قيادة التغراي وما مطالبة الأمين العام للأم المتحدة بإيقاف إطلاق نار فوري سوى رفض ضمني لشروط التغراي لإيقاف النار. يعرف المجتمع الدولي أنه كما كان بإمكان قيادة التغراي تحريض واستنفار شعبهم عندما تمت مهاجمة الإقليم فإن بإمكان قيادات الأقاليم التي تهاجمها قوات التغراي أيضاً تحريض شعوبهم للدفاع عن أنفسها وهذا سيجعل البلاد في حالة صراعات إثنية وفوضى شاملة.

لقد ارتكب الديكتاتور أفورقي خطأً فادحاً بالمشاركة في حرب التغراي لكن هذا لا يعني إنه سيكون مقبولا لو شنت قيادة التغراي حرباً انتقامية ضد إريتريا. حتى لو تسببت التغراي في انهيار النظام في إريتريا فهذا لا يعني أنه سيكون بمقدورها السيطرة على البلاد أو حتى على أي جزء منها. ستطال الفوضى التي يمكن أن تتسبب فيها حرب ضد إريتريا المنطقة كلها بما في ذلك إقليم التغراي والسودان.

الحرب في إثيوبيا يجب أن تتوقف وعلى المجتمع الدولي ممارسة الضغوط على كل الأطراف للتوصل إلى وقف إطلاق نار فوري ومن ثم تسوية كل المشاكل بشكل سلمي وفي إطار القانون.

‫الرئيسية‬  مقالات  إثيوبيا إلى أين؟! اتساع رقعة الحرب إثنياً وجغرافياً (1)
مقالات - 8 أغسطس 2021

ياسين محمد عبد الله

دخلت الحرب في شمال إثيوبيا مرحلة خطيرة أكثر تهديداً لوحدة البلاد والسلام بين مكوناتها القومية المختلفة. كانت أطراف الحرب الداخلية في النزاع حتى يونيو الماضي هي: الجيش الفيدرالي، الأمهرا والتغراي. لكن اليوم تشارك في القتال تقريباً كل القوميات بعد أن طلب رئيس الوزراء آبي أحمد من الأقاليم الإثيوبية إرسال قوات لقتال قوات دفاع تغراي.

اتسعت الرقعة الجغرافية للحرب بعد أن هاجمت قوات دفاع تغراي إقليمي العفر والأمهرا، وسيطرت على بعض المناطق فيهما. وكثفت قوات متمردة في إقليمي أورموا وبني شنقول هجماتها ضد الجيش الفيدرالي، وهناك تقارير عن استيلاء تلك القوات على بلدات كل في إقليمه، هذا إضافة للنزاعات الإثنية الأخرى مثل تلك التي تجددت بين العفر والصوماليين.

اللاعب الرئيس في القتال الجاري الآن هو قوات دفاع تغراي التي ستكون لأجندتها وقدراتها العسكرية والسياسية الدور الحاسم في تحديد وجهة البلاد. السبب الرئيس المعلن من قبل قيادة التغراي لنقل القتال إلى إقليمي الأمهرا والعفر والذي يبدو أن المجتمع الدولي يأخذ به هو السعي من أجل فك الحصار عن الإقليم وضمان وصول المساعدات الإنسانية إليه، وإجبار الحكومة على القبول بشروطها للتفاوض على وقف إطلاق النار والاتفاق على مرحلة انتقالية.

كيف ستضغط قوات دفاع تغراي على الحكومة الفيدرالية من خلال مهاجمة إقليمي العفر والأمهرا؟!

هناك ثلاثة منافذ محتملة لإقليم تغراي إلى العالم الخارجي: الأول هو ذاك الذي يتيح للإقليم التواصل مع السودان وهو الوحيد المباشر. المنفذ الثاني هو ذاك الذي يمر عبر إقليم العفر ويربط الإقليم بجيبوتي. أما الثالث فهو الذي يربط الإقليم بأديس أبابا ويمر عبر إقليم الأمهرا.

أعطت الحكومة الفيدرالية وحليفاها أسياس أفورقي ومليشيا الأمهرا أهمية قصوى للمنفذ الأول الذي يربط غرب تغراي بالسودان، عندما بدأوا الحرب في نوفمبر الماضي بالسيطرة عليه، ولم ينسحبوا منه بعد انسحابهم من الإقليم. يبدو هذا المنفذ الأكثر تحصيناً في وجه قوات دفاع تغراي لذا تجنبت هذه القوات مهاجمته مباشرة ولجأت إلى مهاجمة مناطق أخرى في إقليمي أمهرا والعفر.

هذا المنفذ هو الهدف الاستراتيجي للجبهة الشعبية لتحرير تغراي في قتالها الحالي، فهو المنفذ الوحيد إلى العالم الخارجي وتحديداً إلى السودان الذي قد يكون متعاطفاً مع الإقليم لأسباب معلومة، ثم إن المنطقة التي يقع فيها هذا المنفذ تتبع وفقاً للدستور الإثيوبي الحالي لإقليم تغراي، وتُعد من قبل قادة الإقليم أراض محتلة.

هاجمت قوات دفاع تغراي إقليم العفر في محاولة لإغلاق الطريق الذي يربط بين جيبوتي وأديس أبابا، والذي تعتمد عليه الأخيرة في نقل وارداتها وصادراتها من وإلى العالم الخارجي. من شأن إغلاق هذا الطريق أن يتسبب في أزمة اقتصادية في البلاد، ويمكن أن يهدد بإسقاط الحكومة الفيدرالية.

قيل أيضاً في تفسير نقل القتال إلى إقليم العفر إن قوات تغراي تريد التهديد باحتمال التوغل داخل الأراضي الإريترية من خلال إقليم دنكاليا. استولت قوات دفاع على مناطق في إقليم الأمهرا ليست محل نزاع بين الإقليمين، كانت آخر تلك البلدات بلدة ليلاببلا ذات القيمة الدينية والأثرية. غالباً ما يُقصد بهذه الهجمات إجبار قوات الحلفاء الثلاثة على الانسحاب من المنطقة المتنازع عليها.

وضعت حكومة إقليم تغراي في بيان أصدرته في 27 يوليو (5) شروط للجلوس والتفاوض حول وقف إطلاق النار. شملت تلك الشروط إعادة الخدمات الأساسية للإقليم، الإتاحة الفورية لميزانية عامي 2020 و2021 للإقليم، إنشاء معابر متعددة واستخدام كل وسائل المواصلات لإيصال المساعدات الإنسانية لإقليم تغراي، إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين الذين اُعتقلوا على أساس الهوية، الإيقاف الفوري للاعتقالات الجماعية للتقارو واستهدافهم.

وقد اشترطت حكومة الإقليم أن يتم تطبيق شروطها، وأن يُعلن ذلك من خلال وسائل الإعلام الوطنية والدولية. وإذا عملنا أن البرلمان الفيدرالي كان قد اتخذ قراراً باعتبار الجبهة الشعبية لتحرير تغراي منظمة إرهابية سندرك المصاعب التي تقف أمام التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار، بجانب تعقيدات أخرى كثيرة على الأقل على المدى القريب.
نقل القتال إلى إقليمي العفر والأمهرا عمل تكتيكي تسعى الجبهة الشعبية لتحرير تغراي من خلاله لتهيئة الأجواء للحصول على حق تقرير المصير لإقليمها.

لقد برز ميل قوي بين سكان إقليم تغراي وقادته للانفصال عن إثيوبيا وبناء دولة تغراي المستقلة بعد حرب نوفمبر. تعود جذور الميل للانفصال إلى منتصف سبعينيات القرن الماضي عندما ضمنت الجبهة الشعبية لتحرير تغراي برنامجها هدف الانفصال، لكنها اضطرت بعد فترة قصيرة إلى حذفه نتيجة لضغوط مورست عليها من عدة جهات. حرب نوفمبر واستهداف التقارو على أساس إثني والفظائع التي اُرتكبت ضدهم لم تحي فقط الميل القديم للانفصال بل جعلته أقوى.

هل تحقيق الانفصال وإعلان دولة مستقلة في إقليم تغراي ممكن في ظل الأوضاع الداخلية في إثيوبيا، الأوضاع الإقليمية والدولية والمكانة الجيوسياسية للإقليم وقدراته الاقتصادية؟!

هذا ما سأتناوله لاحقاً.

أطراف الصراع الثلاثة تنتهك حقوق اللاجئين الاريتريين باثيوبيا!

أكد المقرر الخاص لحقوق الإنسان في إريتريا تلقيه العديد من التأكيد الموثوق بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي ضد اللاجئين الاريترين، منذ بدء النزاع سواء من قبل الحكومة الفيدرالية الإثيوبية والقوات الاريترية التحالف معها،أو من قبل القوات التابعة لجبهة تحرير شعب تقراي. كما كشف عن إستخدام اللاجئين وإلحاق الاذى بهم من الأطراف الثلاثة بحجة تعاونهم المفترض مع الجانب الآخر للنزاع.

جاء ذلك في بيان اصدره المقرر امس الاحد. وفيه أعرب الدكتور محمد عبد السلام بابكر عن انزعاجه البالغ والشديد من التقارير التي تتحدث عن الهجمات الانتقامية والقتل والعنف الجنسي والضرب ونهب المخيمات والممتلكات. ودعا عبد السلام الايقاف الفوري لهذه الممارسات ضد اللاجئينالاريترين في اثيوبيا. كما دعا عبد السلام كل أطراف الصراع إلى احترام اتفاقية اللاجئين لعام 1951 مشددا على احترام حيادة معسكرات اللاجئين والسماح للجهات الفاعله الإنسانية بنقديم المساعدات المطلوبة بشكل عاجل، مطالبات بنقل تلك المعسكرات لمناطق أكثر امنا.

                   
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
    المقرر الخاص لحقوق الإنسان في إريتريا -د. محمد عبد السلام بابكر

مئات الآلاف من سكان إقليم تيغراي فرّوا من مناطقهم بسبب القتال بعد هجوم الجيش الإثيوبي (رويترز)

مئات الآلاف من سكان إقليم تيغراي فرّوا من مناطقهم بسبب القتال بعد هجوم الجيش الإثيوبي (رويترز)

قالت وزارة الخارجية الأميركية إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن تحدث إلى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اليوم الاثنين، وحث على انسحاب القوات الإريترية المتورطة في صراع تيغراي "على الفور وبشكل كامل وبطريقة يمكن التحقق منها".

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان بشأن الاتصال الهاتفي، إن بلينكن أشار إلى أن القوات الإريترية وقوات أمهرة الإقليمية تساهم في تفاقم الكارثة الإنسانية وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في إقليم تيغراي الذي تمزقه الصراعات.

وأضاف برايس "شدد الوزير أيضا على ضرورة قيام جميع أطراف النزاع بإنهاء الأعمال القتالية على الفور".

وتقول إثيوبيا إنها ملتزمة بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، وإنها تقدم مساعدات إنسانية في تيغراي.

واندلع القتال في تيغراي في نوفمبر/ تشرين الثاني بعد أن هاجمت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي قواعد للجيش في أنحاء المنطقة.

المصدر : رويترز