عندما يتحول الضحية إلى جلاد تجاوزات وتهديدات التغراي
2021-08-24 07:05:31 Written by ياسين محمد عبدالله Published in المقالات العربية Read 2037 timesعندما شن ابي أحمد وحلفاؤه حربهم على إقليم تغراي في نوفمبر الماضي وارتكبوا انتهاكات ضد المدنيين خصوصاً النساء والأطفال، وقف المجتمع الدولي بتكويناته المختلفة، المنظمات الدولية المعنية، وسائل الإعلام الدولية، الدول الديمقراطية ومدافعو حقوق الإنسان ضد تلك الانتهاكات وطالبوا بإيقافها ومحاسبة مرتكبيها وكذلك فعلت أغلب تيارات المعارضة الوطنية الإريترية.
الضغوط التي مُورست ضد حكومة ابي احمد لم يكن سببها الرئيس القدرات الدبلوماسية والإعلامية للوياني، فقدرات الحكومة الإثيوبية في المجالين تفوقها كثيراً، كان السبب الرئيس فيها هو طبيعة تلك الحرب الإثنية والأدوات والأساليب التي اُستخدمت فقد أثارت انتباه العالم وتخوفه من حدوث إبادة جماعية وتطهير عرقي لسكان إقليم تغراي.
بعد انتصارها عسكرياً واستردادها السيطرة على جزء كبير من أراضيها، شنت ولا تزال قوات دفاع تغراي هجمات على إقليمي الأمهرا والتغراي وتسببت في نزوح مئات الآلاف من المدنيين من منازلهم وارتكبت انتهاكات ضدهم.
رفض العالم للحرب على إقليم تغراي لا يعني إعطاء قيادة الإقليم الحق في ترويع مدنيين في أقاليم أخرى داخل بلادهم أو التهديد باجتياح بلد آخر. كل المبررات التي قدمها قادة التغراي لمهاجمتهم إقليم العفر غير مقبولة فالإقليم لم يشارك في الحرب ضدهم وحتى لو كان شارك فعمليات الانتقام لن يقبلها أو يقرها القانون الدولي، وإلا ستكون مبررات الديكتاتور أسياس أفورقي في الاشتراك في الحرب ضد إقليم تغراي أيضاً مقبولة.
أنا على قناعة بأن قيادة تغراي تريد الانفصال من إثيوبيا لكنني على قناعة أيضاً أن العائق أمام قيام دولة مستقلة في تغراي ليس فقط مأزق الإقليم الجيوسياسي إنما أيضاً عقلية العزلة لدى قيادته. مثلما أخطأ أسياس بتجاهل الاعتبارات القانونية، السياسية والإنسانية باشتراكه في الحرب على إقليم تغراي هم أيضاً يتجاهلون تلك الاعتبارات عندما يتحدثون أو يحرضون جيشهم ومواطنيهم ضد إريتريا. تحريض موطني التغراي ضد إريتريا لن يجلب لهم أية منفعة، هذا سيحولهم من ضحايا إلى جلادين.
تحتج قيادة تغراي أن جزءاً من أراضيها محتل من قبل الأمهرا. النزاع بين التغراي والأمهرا حول تلك المنطقة نزاع داخلي بينما النزاع بين إريتريا وإثيوبيا حول منطقة بادمي نزاع بين دولتين صدر بخصوصه قرار من جهة دولية مختصة اعتبر المنطقة تابعة لإريتريا لكن قيادة التغراي لا تريد الاعتراف بهذا القرار وفي نفس الوقت تريد الاعتراف لها بتبعية منطقة الولغايت بالاستناد إلى دستور أشرفت هي على صياغته وإقراره.
بدأت الضغوط الدولية لإيقاف الحرب في شمال إثيوبيا تشمل قيادة التغراي وما مطالبة الأمين العام للأم المتحدة بإيقاف إطلاق نار فوري سوى رفض ضمني لشروط التغراي لإيقاف النار. يعرف المجتمع الدولي أنه كما كان بإمكان قيادة التغراي تحريض واستنفار شعبهم عندما تمت مهاجمة الإقليم فإن بإمكان قيادات الأقاليم التي تهاجمها قوات التغراي أيضاً تحريض شعوبهم للدفاع عن أنفسها وهذا سيجعل البلاد في حالة صراعات إثنية وفوضى شاملة.
لقد ارتكب الديكتاتور أفورقي خطأً فادحاً بالمشاركة في حرب التغراي لكن هذا لا يعني إنه سيكون مقبولا لو شنت قيادة التغراي حرباً انتقامية ضد إريتريا. حتى لو تسببت التغراي في انهيار النظام في إريتريا فهذا لا يعني أنه سيكون بمقدورها السيطرة على البلاد أو حتى على أي جزء منها. ستطال الفوضى التي يمكن أن تتسبب فيها حرب ضد إريتريا المنطقة كلها بما في ذلك إقليم التغراي والسودان.
الحرب في إثيوبيا يجب أن تتوقف وعلى المجتمع الدولي ممارسة الضغوط على كل الأطراف للتوصل إلى وقف إطلاق نار فوري ومن ثم تسوية كل المشاكل بشكل سلمي وفي إطار القانون.