بدعوة من المنتدى الإرتري للحوار الوطني شهدت العاصمة الكينية نيروبي في الفترة من 27 - 29 نوفمبر 2015م لقاءاً تشاورياً للمعارضة الوطنية، في هذا اللقاء النوعي الباعث للأمل نحو غدٍ مشرق قــُــدِّمـَــتْ أوراق بحث ونقاش عديدة نشر بعضها بالانجليزية وبعضها بالتجرينية والبعض الآخر بالعربية، واليوم نقدم لكم النص العربي لورقة السيد/ ولد يسوس عمار مسئول العلاقات الخارجية لحزب الشعب الديمقراطي الارتري.
اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري
عمليات الانتقال السياسي ونماذج التحوُّل الديمقراطي
بقلم/ ولد يسوس عمار
مدخل:
نسبة لضيق الزمن المتاح، سوف لن أقدم لهذه الورشة ورقة بحثية، بل فذلكة مختصرة للمناقشة تتمثل في (الخطة الانتقالية لارتريا) والتي طرحناها – نحن الأحزاب المؤسسة لحزب الشعب الديمقراطي الارتري الحالي في الورشة السياسية الارترية في يوليو 2009م ثم مرةً أخرى في ورشة التحالف في فبراير2010م، والتي نقدمها هنا ملاحق لهذه الدراسة. نحن في معسكر المعارضة الوطنية غالباً ما يجبرنا عدم الاستفادة من الدروس الفائتة علي استذكار أوراقنا القديمة لعلنا نستوعب ما فيها بصورة أفضل من ذي قبل. الأفضل بالطبع أن لا نكرر ذات الأخطاء المرة بعد الأخرى.
لكن قبل التعريف بالورقة وفتح باب المناقشة حولها اسمحوا لي بذكر حقائق عامة عن افريقيا عموماً وارتريا خصوصاً علي علاقة بعمليات الانتقال السياسي والتي غالباً ما تتبلور عن عقدة عصية علي الاختراق، وذلك لأن التغيير الحقيقي يتطلب هدم النظام التسلطي القائم وبناء نظام ديمقراطي جديد علي أنقاضه يمتلك مؤسسات راسخة وقوية. فلندلف الآن الي الوضع الانتقالي في افريقيا.
عمليات الانتقال السياسي في إفريقيا:
تقريباً نالت جميع الدول الافريقية استقلالها في الستينيات، ولكن سرعان ما تبخرت أحلام الحرية والاستقلال بوقوع البلاد فريسةً في أيدي أنظمة دكتاتورية من صنع أبنائها، وبرزت بوادر روح تغيير وصفت ب(التحرير الثاني)، (Second liberation) ، في عمليات الانتقال هذه صفات مميزة لكل دولة قطرية/ مجتمع ...الخ. هناك حالات مختلفة وتجارب متفاوتة الحجم والنوع، وذلك لأن كل قطر يملك من الخصائص والتجارب التاريخية والاجتماعية ما يتفرد به عن الأقطار أو المجتمعات الأخرى وتحديات أخرى لابد من وضعها في الاعتبار عند وضع أو مناقشة الخطة الانتقالية والتي قد ترتبط حتى بعوامل خارجية أيضاً.
منذ حوالي ثلاثين عاماً وقعت افريقيا في قبضة ثلاث أنواع من الأنظمة الدكتاتورية (بعضها ما يزال يرسف تحت نيرها)، هي: دكتاتورية الرجل الواحد، الحزب الواحد أو الأنظمة العسكرية، أهم أسباب وعوامل ذلك تتمثل في الآتي:
أ/ الهيمنة التاريخية للزعامات الافريقية التقليدية.
ب/ الاستسلام لفكرة مشروعية حكم الفئة الغالبة ديموغرافياً، أي الفئة السكانية الأكبر حجما وبالتالي نفوذاً في شتى الميادين.
ج/ التعلل بالدفاع عن الوحدة الوطنية في وجه فوضى النعرات القبلية، الطائفية، المناطقية..الخ.
د/ التبرير الأيديولوجي لاستمرارية الحكم الدكتاتوري.
هـ/ الأفضلية المدَّعاة لحاكم قوي (المستبد العادل) للإسراع بخطوات النمو الاقتصادي دون معوقات بيروقراطية أو بروتوكولية.
كما نذكر فإن أغلبية الآباء المؤسسين للدول القطرية الحديثة وحركات التحرر السابقة قد احتكروا السلطة، أما منافسة أو مشاركة المجتمع المدني فقد كبتت وقمعت بلا رحمة، من ثم أصبح الحكام (رؤساء مدى الحياة)، أو حلموا بذلك.
الحرب الباردة والانتقال السياسي في افريقيا:
التحول السياسي نحو الديمقراطية في إفريقيا استرشد واستعان بعامل خارجي هام للغاية ألا وهو سقوط المعسكر السوفيتي أو نهاية ما عـُـــرِف بالحرب الباردة، يقول كاتب راصد للتطور السياسي في افريقيا: إن دول افريقيا بأجمعها شهدت خلال فترة طويلة امتدت من 1960 – 1989م ثلاثين (30) عملية انتخابية، بينما شهدت خلال ما يعادل نحو ثلث تلك الفترة فقط، أي من 1990 – 2012م ستين (60) عملية انتخابية في العام، كما شهد العام 1991م ستاً وثمانين (86) تظاهرة عنيفة تطالب بالدمقرطة والتغيير، حيث نتج عن ذلك قيام 28 قطراً افريقياً بتنظيم انتخابات عامة خلال أعوام قليلة، وغادر السلطة مهزوماً بنتائج تلك الانتخابات 13 رئيساً أو حاكماً. لقد كانت بداية واعدة ولكن الكثير من تلك الحالات تعرضت لانتكاسات وارتدادات وانقلابات مضادة. في 1991م ودون أن تدري ما يخبئه لها المستقبل غرقت ارتريا في الرقص طرباً وفرحاً بنصرها التحرري الباهظ الثمن، بينما كانت بقية أقطار افريقيا تقيم حفلات الوداع والاستيداع لدكتاتورييها السابقين.
الانتقال السياسي في افريقيا يمر بطرق وممرات متعددة منها الآتي:
أ/ عبر الانقلابات العسكرية والتي لم تعد مقبولة من قبل المنظمة القارية (الاتحاد الافريقي).
ب/ عبر مؤتمرات وطنية تداولية (شهدت افريقيا الغربية عدة نماذج منها).
ج/ عبر بعض الرؤساء الذين قبلوا أن يصبحوا جزءاً من العملية الانتقالية (نموذج بنين)
د/ نماذج الثورات أو الانتفاضات الشعبية التي شهدتها جمهوريات كلٍّ من تونس ، اثيوبيا ( الأخيرة عن طريق العنف).
هـ/ عبر توافق تفاوضي (الحالة في زمبابوي، ناميبيا وجنوب افريقيا).
حالة بنين (غرب افريقيا) في 1989م والعملية الانتقالية في تشيلي (امريكا الجنوبية) سمحتا لحكامهما بالاستمرار جزءاً من العملية الانتقالية التي من طبعها أن تعمل في خاتمة أمرها علي إنهاء واستئصال الدكتاتورية، في تجربتي بنين وتشيلي (2) انتصرت قوى التغيير بالاستفادة من إيجابيات الدساتير الدكتاتورية. (هل بإمكان الارتريين تحقيق التغيير بتنشيط واستخدام دستور 1997م؟؟؟).
احتمالات العنف الناجم عن التغيير السياسي:
حسب بعض المختصين من الكتاب فإن فرص واحتمالات العنف الناجم عن عملية التغيير السياسي قائمة ومتوقعة بكثافة، لذا علي قوى التغيير أن تدرس تلك الفرص والاحتمالات العنفية وتعمل بكل الجد والإخلاص علي محاربتها أو تخفيف آثارها الي أبعد الحدود، وذلك عن طريق الآتي:
- 1 تعزيز قدراتنا بما يعيننا علي فهم ودراسة الأسباب الأساسية للعنف.
-2 امتلاك القدرة علي التدارك السريع للتوترات وبتر جذورها من الأساس.
-3 علي قوى التغيير خلق علاقات إيجابية مع المجتمع الأهلي ومنظماته، صناع القرار، الهيئات الدولية والاقليمية.
-4 خلق وعي اجتماعي عميق بالحاجة الي انتقال سياسي آمن.
في بلادنا أيضاً، فإن تحرِّي الطرق السلمية لعملية التغيير، تحديد الطريق المناسب الي التحول السياسي، زيادة القدرة علي التصرف الحكيم تجاه احتمالات ظهور العنف في مرحلة الانتقال الي ما بعد الدكتاتورية في ارتريا ...وغير ذلك من التحديات والمهمات الجسيمة تنتظر القوى الارترية التي تناضل من أجل التغيير الديمقراطي.
عملية الانتقال السياسي في ارتريا:
بحكم أن لكل مجتمع مميزاته الخاصة، فإن مناقشة الانتقال السياسي في ارتريا لا شك يستدعي إلقاء الضوء اللازم علي فترة ال 125 عاماً من الخلفية التاريخية والاجتماعية والسياسية للقطر مع التركيز بصفة أخص علي التطورات السياسي – اجتماعية التي مر بها ذلك القطر، لنقـُــلْ مثلاً خلال الأربعينيات – الخمسينيات من القرن العشرين، وبالقدر ذاته خلال الثلاثين عاماً عمر الكفاح التحرري المسلح وأخيراً حقبة ربع القرن التي أعقبت تحرير البلاد من الاحتلال الأجنبي واستيلاء نظام الرجل الواحد والحزب الواحد علي السلطة.
في مناقشتنا اليوم، فإن المرء لا يملك إلا أن يقرر أن الانتقال من الدكتاتورية الي حكم ديمقراطي في ارتريا لابد أن يتأثر أو بالأحرى يعاق بعدد من العوامل تشمل الآتي:
/1غياب القيم والمثل الديمقراطية، جنباً الي جنب الافتقار الي نخبة رائدة وجديرة بالثقة (إذ كيف تبنى الديمقراطية بلا ديمقراطيين؟) كما تساءل كاتب عن أحوال مماثلة للحالة في ارتريا.
/2 التباين العرق – لغوي، الديني، الثقافي، الجغرافي ...الخ.
/3 العقلية العسكرية الراسخة القدم في البلاد.
/4 وجود وحدات سياسية مترددة وأزمة ثقة متبادلة والتي ما تزال بحاجة الي المصالحة.
/5 انعدام الثقة في المحيط المجاور، خاصةً اثيوبيا.
/6 انخفاض مستوى التعليم والوعي السياسي لدى الأغلبية العظمى من المواطنين.
إن مساءلة الذات أو النقد الذاتي بإثارة مثل هذه العوامل والتحاور المستمر (كما فعلت قوى التغيير التشيلية، انظر الهامش رقم "2") سوف يفيدنا كثيراً.
سيناريوهات التغيير في ارتريا:
حسب اختلاف الرؤى وتعدد القراءات قد تحتوي السيناريوهات الحالية للتغيير في ارتريا اليوم علي ما يلي:
/ 1انقلاب عسكري:
• يقوم به بعض كبار الضباط لضمان استمرار حكم الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة، مع الإيماء الأكثر ترجيحاً الي إمكانية استدعاء وتفضيل رفاق سلاح الشعبية السابقين والوعد بإنفاذ دستور 1997م.
• قادة الجيش المتنافسين قد يشعلون حرباً داخلية قد تتطور الي حربٍ أهلية شاملة.
• ضباط الجيش من الرتب الأصغر قد يسعون الي دعوة شتات المعارضة الخارجية مع أنها ليست في وضعٍ يمكنها من تقديم المساعدة أو الإسهام المجزي بالنسبة لهم. بل علي العكس قد تساعد علي إجهاض المحاولة.
/2 تغيير مدعوم من قوى خارجية:
مسنودةً من قوة خارجية قد تنفذ بعض وحدات الجيش انقلاباً عسكرياً.
/3 احتمال قيام انتفاضة شعبية عارمة:
تخلـُّــص الشعب من عامل الخوف والتردد مع حدوث بعض الظروف المواتية أو كسب عطف الجيش والقوات النظامية قد يحدث تغييراً سلمياً قد ينبثق عنه تحول ديمقراطي كلي أو جزئي.
ماعدا التغيير الذي ينتج عن انتفاضة شعبية سلمية فإن معظم هذه السيناريوهات قد تقود الي المزيد من الكوارث. وحتى هذا الخيار الأمثل إذا ما نـُــفـِّــذَ في ظل النظام القمعي القائم فستكون فرص نجاحه أقل وكلفته المادية والبشرية باهظة للغاية. وبما أنه ليس هناك من هدف وراءه نضال شعبي عارم غير قابل للتحقــُّـــق، فمن المحتمل أيضاً أن يضطر النظام الدكتاتوري الحالي الي تحسس إمكانية إجراء تغييرٍ ما، مهما كان ذلك التغيير طفيفاً. وبهذا يبدأ حفر قبره بنفسه. وشيئاً فشيئاً يتزايد الحراك الشعبي وتعلو سقوف مطالباته حتى يحدث التغيير المنشود، لكن تحقيق ذلك يستدعي تحقق عوامل من قبيل:
-1 وجود قوة تغيير منظمة بالداخل.
-2 قوى معارضة خارجية موحدة تنقل رسالة صحيحة ومتناغمة (لا مكان فيها لمن يوحي لشعبنا أننا شعبان اثنان أو ربما تسعة شعوب)
3- تحويل وجهة العطف والدعم العالمي للنظام الي المعارضة وأن تجد الدعم الكامل من المنظمات الاقليمية والدولية. 4- أن يتجه جيران ارتريا الي دعم وتفضيل التغيير فيها.
بإيجاز يمكننا القول: إن التغيير المطلوب والدائم والقابل للتحقق هو ذلك الذي يتحقق عبر مشاركة شعبية واسعة. ولن يكون ذلك ممكناً إلا باتخاذ الأسلوب الديمقراطي اللا عنفي وسيلةً، هذا بالإضافة الي خلق مظلة وطنية شاملة وجاذبة ومحتضنة لفئتي المرأة والشباب داخل البلاد وخارجها، حزبياً نحن في "الشعب الديمقراطي" نسعى الي خلق تحالفات سياسية مؤقتة وطويلة الأمد ترسي دعائم دولة ديمقراطية مستقرة ومزدهرة).
كما يقول الكثيرون منا: "إن ما أوصل البلاد الي حيث هي الآن هو أن بداية حقبة 1991م لم تكن شاملة، أي لم تشملهم"، وذلك بدوره نابع من عقلية المنتصر التي ترى أن (كل شيء للمنتصر). التحدي الكبير الذي يواجهنا اليوم هو محاربة توجهات الإقصاء للآخر لتحل محلها الثقة بين كل اللاعبين. نحن في حزب الشعب الديمقراطي نؤمن بأن الحل يكمن في تبني ميثاق وطني يؤكد أننا سوف نبدأ طوراً جديداً يتخلله تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة نطلق من خلالها آلية إصحاح ومصالحة تدرس وتعالج كل المظالم بعدالة وإنصاف.
الخطة الانتقالية لإرتريا:
كما هو مشار إليه آنفاً، في يونيو 2009م بعث كلٌّ من حزبي الشعب والديمقراطي الارتريين، العضوين حينها في تحالف المعارضة المعروف بالتحالف الديمقراطي الارتري، بعثا بمسودة مشتركة للخطة الانتقالية الي التحالف لتعتمد ضمن أوراق ورشة التحالف التي عقدت بأديس أبابا في يوليو 2009م. ثم بعثا بها ثانيةً في فبراير 2010م وهما مندمجان في حزبٍ واحد هو حزب الشعب الديمقراطي الحالي لتكون جزءاً من أوراق الملتقى الجامع المعروف بالملتقى الوطني الذي عقد لاحقاً في صيف 2010م. لكن قيادة التحالف رفضت استلامها. وقد طلبنا حينها أن تتضمن الخطة المبادئ التالية:
• أن تتوفر لأي مواطن فرصة المشاركة الكاملة في أي منشط تشاوري يتعلق بالعملية الانتقالية.
• أن تتمتع العملية الانتقالية بالسلاسة وتحظى برضا الشعب واطمئنانه علي إنفاذها رسمياً وقانونياً.
• التأكيد الجازم علي صون استقلال البلاد ووحدة أراضيها.
• المنتدى الوطني هو الذي يحدد عمر الفترة الانتقالية.
كانت الخطة تهدف الي أن تتضمن فترتين بمهام وهياكل محددة علي النحو الآتي:
/1 الدعوة الي مؤتمر وطني جامع ذي قاعدة عريضة يعقد بالمهجر ليضع العملية الانتقالية ضمن الميثاق الوطني المنبثق عنه، وينتخب هيئة وطنية استشارية (مجلس شيوخ) ويحدد صلاحياتها وسلطاتها. الميثاق الوطني هو الوثيقة المرجعية لفترة ما قبل الانتقال والذي يحدد أعضاء المنتدي الأول من خلالها ما تم من اتفاقات بين الحضور.
/2 الهيئة الوطنية الاستشارية (مجلس الشيوخ) حسب الصلاحيات المخولة لها من المنتدى الوطني تعتبر أعلى سلطة تقود المرحلة الانتقالية.
/3 تشكل الهيئة الوطنية الاستشارية (مجلس الشيوخ) هيئة تنفيذية تتولى عملية الإشراف الإداري المباشر لعملية إنفاذ تعليمات الهيئة في الفترة ما بين المنتدىين الوطنيين الأول والثاني.
/4المجلس الانتقالي: هو البرلمان الوطني الانتقالي لارتريا الذي ينبثق عن المنتدى الوطني الذي تنظمه الهيئة الوطنية الاستشارية (مجلس الشيوخ) بالتعاون والتشاور مع الهيئة التنفيذية.
/5 الحكومة الانتقالية: هي السلطة التنفيذية الانتقالية التي يشكلها المجلس الانتقالي لإدارة البلاد الي حين تكوين برلمان وحكومة عبر انتخابات ديمقراطية.
المرحلة الأولى:
المنتدى الذي يعقد في فترة ما قبل الانتقال (أي قبل سقوط نظام الهقدف) يقوم بالآتي:
• يصادق علي الميثاق قبل الانتقالي.
• يشكل لجان الهيئة الاستشارية.
• يحدد عمر لجان الهيئة الاستشارية.
• يضع القوانين واللوائح المرشدة لعمل الهيئة الاستشارية.
• يضع الخطط والسياسات الهادفة الي إسقاط النظام الدكتاتوري.
المرحلة الثانية:
بعد سقوط النظام فإن المجلس الوطني وهيئته التنفيذية (بالتفاهم مع قوى الداخل حسبما تسمح به الظروف) يخلفان النظام المخلوع ويدعوان الي المنتدى الوطني الثاني الذي يقوم بالمهام الآتية:
• يقوم بتكوين المجلس الانتقالي الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية في الفترة الانتقالية.
• يضع السياسات والوسائل الكفيلة بحفظ أمن وسلامة البلاد أثناء الفترة الانتقالية.
• يحدد طرق وضع وإجازة دستور البلاد الدائم.
• يحدد طرق تشكيل ومهام وصلاحيات الحكومة الانتقالية.
• يضع القوانين واللوائح المنظمة للانتخابات العامة وتكوين الأحزاب السياسية.
• إجازة الميثاق الوطني.
• مناقشة وإجازة الدستور الانتقالي.
• مهام إضافية: الاقتصاد الوطني، السياسة الخارجية، إعادة تنظيم الجيش وما شابه ذلك من قضايا.
----------------------------------------------------------------------------------------
الهوامش: 1/ نموذج الزعيم ماثيو كريكو رئيس جمهورية بنين حالة مثالية لزعيم افريقي يسمح بفترة انتقالية عبر التنازل طوعاً لا عنفاً، تبع ذلك تظاهرات احتجاجية متكررة في 1989م، كما أنهى كريكو ولاءه الأيديولوجي للماركسية. قدم تنازلات، دعا الي مؤتمر مصالحة وطنية انتهى الي نتائج في غير صالحه، تواضع وطلب العفو فوجده، خاض الانتخابات وخسرها، تم وضع دستور جديد للبلاد، كان ذلك نقطة تحول تاريخية في الانتقال الي الديمقراطية في افريقيا.
2/ كما نعلم خضعت تشيلي للدكتاتورية في الفترة من 1973 – 1990م. وعلي الرغم من تمتع تشيلي بتقاليد ديمقراطية عريقة وامتلاكها لطبقة وسطى ضخمة الحجم، إلا أننا ما زلنا نستمد دروساً غنية من تجربتها في الانتقال.
"أ" كما هو الحال لدى الارتريين اليوم كانت المعارضة التشيلية تعاني من التمزق.
"ب" في 1984م انخرطت القوى التشيلية الديمقراطية في عقد الآلاف من الاجتماعات والسمينارات، وهذا في النهاية ساعدها علي الاتفاق علي المطلوب منها القيام به. اتفقوا علي خارطة طريق لفترة الانتقال، كما اتخذوا من دستور الدكتاتور/ بينوشيه قاعدة قانونية يضيفون اليها ويحذفون منها، ثم شرعوا في وضع تفاصيل وملامح الهياكل المستقبلية للدولة.
"ج" اتفقوا علي أن يكونوا حذرين تجاه المؤسسات الطويلة الأجل، إذ الدكتاتوريون يتجاوزون علامات حدودهم القانونية، بالإجراءات وقوة الشخصية.
"د" الديمقراطية يجب أن تعني الأمن والنظام. يجب أن تكون قادرة علي منع ظهور العنف (في ارتريا بلغ رهق الحرب وكراهيتها أقصى الحدود، وذلك لامتدادها علي مدى أكثر من نصف قرن بصورة وأخرى. لذا فإن أولى أولويات الارتريين اليوم هي السلم والنظام).
"هـ" تحقيق قفزة صلبة في النمو الاقتصادي.
"و" الديمقراطية يجب أن تعني العدل وحكم القانون والتمثيل في المؤسسات السياسية والمدنية، تمهيد الأرضية لترسيخ المصداقية، التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان من خلال آليات فعالة (effective mechanisms).