ADENA Logo

في الثاني من ابريل 2016م عقد فرع اتحاد المعوقين الارتريين بالسويد مؤتمره الدوري السنوي الخامس بنجاح بالعاصمة ستوكهولم، بعد ترحيب رئيسة الاتحاد الأخت/ ألقانيش إساق بالمؤتمرين القادمين من شتى المدن السويدية أشادت بمساهمات الوطنيين الارتريين في دعم الفرع، وأن جميع ما تم التبرع به من نقود أو مواد قد وصل الي أيدي المستفيدين أفراداً كانوا أو مؤسسات فرعية أو مركزية للاتحاد، ثم وزع الأخ/ عقبا ميكائيل تسفاطين المسئول المالي للفرع علي المؤتمرين تقريراً مالياً شاملاً يعكس تفاصيل الدخل والصرف.

 

هذا وقد أشاد المؤتمرون بدقة ونزاهة ما قدم من تقارير من قيادة الفرع، وناشدوا جماهير الشعب توسيع وتمتين أدوارها النضالية حتى يتنفس شعبنا عبير الديمقراطية والتغيير الإيجابي. ونسبةً لما تحقق من إنجازات ودقة وانضباط وإخلاص في العمل علي يد اللجنة القيادية السابقة قام المؤتمرون بالإجماع بالتجديد لها للدورة الجديدة، منتخبين من بين الحضور لجنة ترشيحات المناصب القيادية لدورة العام القادم 2017م. وأخيراً وبعد إنهاء المؤتمر أعماله بنجاح باهر دعت الأخت/ يرقأ ألم تخستي المؤتمرين الي مائدة عشاء عامرة مع القهوة والشاي تم إعدادها وفق تقاليد المائدة الارترية العريقة والفريدة.    

Sudan's Turabi, a veteran Islamist opposition leader

Saturday, 05 March 2016 21:32 Written by

 

The Sudan opposition leader Hassan al-Turabi Turabi died of a heart attack on March 5, 2016 aged 84
.

 

Khartoum (AFP) - Hassan al-Turabi, the Sudanese Islamist leader who died on Saturday, was an outspoken veteran politician who was in and out of jail over a career spanning some four decades.

The 84-year-old died of a heart attack, a medical source said.

A key figure in the regime of President Omar al-Bashir for a decade after his 1989 coup, Turabi later became one of its fiercest critics and led the opposition in urging a Tunisia-style uprising.

The authorities long accused him of having links with the most heavily armed of the rebel groups in the war-torn western region of Darfur -- the Justice and Equality Movement (JEM).

In May 2010, a month after Sudan's first competitive polls since 1986, Turabi was detained after denouncing the vote as fraudulent.

Bashir's former ally was the only Sudanese politician to support a warrant issued for the president's arrest by the International Criminal Court on charges of war crimes, crimes against humanity and genocide over the regime's conduct of the conflict in Darfur.

He was also arrested in January 2009 two days after he urged Bashir to surrender to the world court.

A year earlier, Turabi was arrested after an unprecedented assault on Khartoum by the JEM, which saw the Islamist rebels reach the capital's twin city of Omdurman, just across the Nile from the presidential palace, before being repulsed with heavy losses.

- Influential ideologue -

An ideologue with influence beyond Sudan's borders, Turabi was one of the driving forces behind the introduction of Islamic sharia law in Sudan in 1983, which sparked a devastating 22-year civil war with the mainly Christian, African south that cost an estimated two million lives.

Since the 2005 peace deal which led to full independence in July 2011 for South Sudan, Turabi repeatedly warned of the wider disintegration of the largest nation in Africa and the Arab world.

The Western-educated Turabi held a master's degree in law from London and a doctorate from the Sorbonne University in Paris.

He spoke English, French and German fluently as well as Arabic, and his language skills helped him gain access to foreign news media through which he issued repeated calls for an international Islamic revolution.

Born in the eastern town of Kassala in 1932 to moderately religious parents, Turabi had his first Koranic lessons from his grandfather, the head of a Sufi order of Muslim mystics.

Wooed by the Islamists after returning from his studies abroad, he became secretary of the Charter Front, a forerunner of the Muslim Brotherhood in Sudan.

Arrested three times in the 1970s under president Gaafar Nimeiri, he made up with the regime to became attorney general in 1979 and was a driving force behind Nimeiri's fateful decision to impose sharia in 1983.

- Senior statesman -

After the Nimeiri dictatorship fell in 1986, Turabi formed the National Islamic Front and ran unsuccessfully in presidential polls.

In 1989, he rallied behind Bashir, then an obscure military man who had just been promoted to general, to overthrow the democratically elected government of his brother-in-law, Sadeq al-Mahdi.

As senior statesman, he became what many considered to be the real power in a country that he directed towards rigorous Islamic practices.

Sudan became a welcoming refuge for militant Islamists, including for a time Al-Qaeda leader Osama bin Laden, resulting in the regime being accused of sponsoring terrorism and its subsequent blacklisting by governments from the United States to Egypt.

Under Turabi's influence, the regime used Islam as a rallying cry to recruit ideological shock troops for its war with southern rebels during the civil war.

But in 1999 Turabi spearheaded moves to limit Bashir's powers in the culmination of a protracted power struggle, prompting the president to dissolve parliament and declare a state of emergency.

The following year he opposed Bashir's bid for re-election and broke away from the president's National Congress Party to form his own Popular Congress Party in opposition.

In February 2001, Turabi was arrested along with many of his followers after his new party signed a memorandum of understanding with the southern rebels.

He was released from house arrest in October 2003 and detained again in March 2004 after an alleged military coup in Khartoum.

In March 2014, he and Bashir met officially for the first time in 14 years, as the government reached out to opponents after calls for reform.

Source=http://news.yahoo.com/sudans-turabi-veteran-islamist-opposition-leader-191226345.html

 

Refugee Boat

أدانت محكمة ايطالية اليوم الإثنين (8 فبراير/ شباط 2016) ستة رجال على علاقة بحادثة غرق مأساوية انتهت عند جزيرة لامبيدوزا منذ أكثر من عامين راح ضحيتها 366 قتيلا، فيما يعد أول حكم قضائي من نوعه يصدر بحق أعضاء في منظمة لتهريب البشر.

وتعتبر حادثة غرق القارب في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول 2013، وقتها، هي الأكثر دموية في تاريخ البحر المتوسط، وكانت بمثابة صدمة للمجتمع الأوروبي، وأدت إلى إطلاق إيطاليا لمهمة الإنقاذ البحرية بهدف منع غرق المهاجرين في عرض البحر.

وذكرت وكالة الأنباء الايطالية (أنسا) إن القاضية أنجيلا جيرارادي أصدرت بحق المتهمين، وجميعهم من إريتريا، أحكاماً بالسجن تتراوح بين سنتين إلى ست سنوات وأربعة أشهر وذلك بعد محاكمة وصفت بالسريعة في باليرمو بجزيرة صقلية.

وأصدرت السلطات الإيطالية حكما مخففاً لمدة خمس سنوات بحق أحد المتهمين، بعد تعاونه مع السلطات في التحقيق.

 

Source=http://www.alwasatnews.com/news/1077357.html

يا جماهير شعبنا الأبي:

مناضلي جبهة التحرير الإرترية :

أشقاءنا وأصدقاء نضالنا الوطني:

    في الوقت الذي تقف فيه جبهة التحرير الإرترية في مقدمة الصفوف التي رفضت الذل والخنوع لسلطة القمع والبطش الدكتاتورية في اسمرا ، ويجسد فيه القائد المناضل حسين خليفه محمد علي رئيس جبهة التحرير الإرترية مواقف تاريخية ثابتة لا تتزعزع أمام فلول النظام وأعوانه التي استلبت حقوق شعبنا وأحالت فيه البلاد الى سجن كبير لإهانة الشعب وإذلال المناضلين البواسل الذين بذلوا كل ما ينبغي على كل وطني غيور يدافع عن أرضه وعرضه وشرف انتمائه لإرتريا ، في هذا الوقت الذي فيه ساحة المقاومة الوطنية أحوج ما تكون لدور رجالها الأوفياء من طراز المناضل حسين خليفه ، تتفاجأ الجبهة ومناضلوها وكل أصدقائها ومناصريها بالموقف غير المفهوم الذي أقدم عليه الإخوة في أجهزة الأمن السودانية حيث قاموا باستدعاء المناضل حسين خليفه رئيس الجبهة والمناضل عبدالله صالح حمدوي عضو اللجنة التنفيذية الذي تم استدعاؤه من سلطات الأمن في كسلا وتم تسفيره فوراً الى الخرطوم ليوضع في الحجز مع المناضل حسين خليفه منذ الثلاثين من يناير الماضي ولا نعرف مصيرهم لحد الساعة

 

ابناء شعبنا المناضل

جماهيرنا الصامدة

 

      إن جبهة التحرير الإرترية وجماهيرها وقيادتها ومناضليها تحتفظ بمواقف اخوية ودعم لا ينكره إلا جاحد لمواقف السودان المبدئية إبان مرحلة التحرير الوطنية ، وقد اخذنا في الاعتبار وقدرنا المواقف السياسية السودانية بعد ذلك من الحكومة الإرترية، ورأينا إن الأشقاء في السودان لهم مطلق الحق في تقنين وتحديد علاقاتهم مع من يشاءون ، ولكننا لم نتوقع في أي لحظة أن نباغت بطعنة كتلك التي تجسدت في اعتقال مناضلين من قيادة جبهة التحرير الإرترية التي ظلت تحترم القانون والنظم السائدة في السودان وتحترم علاقاته السياسية والدبلوماسية ،

وانطلاقا من هذا فإننا نناشد السلطات السودانية لإطلاق سراح المناضل حسين خليفه رئيس الجبهة ورفيقه المناضل عبدالله صالح حمدوي فوراً ، ونؤكد ان التضحيات هي سياج مسيرتنا وان خياراتنا ورغبة شعبنا في الحياة الحرة الكريمة على أرضنا التزام لن نحيد عنه وسنبقى أمناء على تكاملنا السياسي ومشروعنا النضالي المشترك مع رفاق دربنا التنظيمات والقوى السياسية الإرترية والناشطين في مختلف منظمات المجتمع المدني الإنسانية والحقوقية التي تدافع عن حقوق شعبنا المشروعة في التمتع بمتطلبات حياة شريفة وتساند نضاله الإنساني والوطني .

 

النصر لشعبنا الإرتري البطل

 الاندحار للنظام الدكتاتوري في اسمرا وأعوانه وحلفائه

عاشت جبهة التحرير الإرترية

اللجنة التنفيذية

2/2/2016م

أفادت الأنباء الواردة أن السلطات السودانية إعتقلت المناضل حسين خليفة محمد علي رئيس جبهة التحرير الإرترية ورئيس القيادة المركزية للتحالف الديمقراطي الإرتري، وعضو المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديبقمراطي، في الثلاثين من يناير الماضي 2016م. كما أعتقل في وقت لاحق المناضل عبدالله حمدوي عضو اللجنة التنفيذية للجبهة، وعضو المجلس الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي.

 

إن التحالف الديمقراطي الإرتري في الوقت الذي يعبر فيه عن عميق إستغرابه ودهشته من إتخاذ السلطات السودانية هذا الإجراء غير المتوقع، خاصة وأن المعارضة الإرترية دأبت على إحترام الخيارات السياسية للسلطات السودانية، وكذلك سيادتها على أراضيها، وعدم ممارسة أي نشاط في الأراضي السودانية، يعكر صفو علاقاتها مع السلطة القهرية القائمة بأسمرا، فإنه ليعتبر إنّ إعتقال هذين المناضلين تحوّلا في الموقف السوداني، ما يدعوه إلى تحميل السلطات السودانية كامل مسئولياتها القانونية والسياسية، تجاه سلامة المناضلين المعتقلين.

 

إن التحالف الديمقراطي الإرتري، والذي ظل يحرص طوال الفترات الماضية للحفاظ على العلائق والروابط التاريخية التي تجمع الشعبين الشقيقين

في إرتريا، وسعى جاهدا لترقيتها إلى أرفع المستويات، ليجد نفسه اليوم مضطرا لدعوة السلطات السودانية، لتضع تلك الروابط موضع إهتمامها الأول، في تعاملها مع الواقع الإرتري الحالي. وإنّ مسايرة طلبات السلطة القائمة بأسمرا في التضييق على أبناء الشعب الإرتري في السودان، والتعرّض لقادة قواه المناضلة من أجل التغيير في إرتريا، بالإعتقالات والمطاردة، لن يجعل سلطات أسمرا تنصرف عن إستهدافها للسودان وإستقراره، في الحاضر والمستقبل، وأن تاريخها ليشهد بذلك. وأن التغيير الديمقراطي في إرتريا ، وبرغم شراسة السلطة القمعية في مواجهته، فإنه آتٍ وحادثٍ لا محالة، وأن هذه السلطة ستعانق مصيرها المحتوم.

 

بناءا على ذلك ، فإننا في الوقت الذي نناشد فيه السلطات السودانية لإطلاق سراح المناضلين، واللذين نجزم أنهما لم ولن يرتكبا ما يهدد أمن السودان وسلامة سيادته، لندعوا السلطات السودانية لتوجه جهدها في مواجهة تدخلات سلطات أسمرا في الشئون الداخلية السودانية، والخروقات التي تقوم بها أجهزة إستخباراتها للسيادة السودانية، والمتمثلة في كافة أنشطة التهريب المحرمة التي تديرها عبرالسودان، وشراكتها مع العصابات الإجرامية في تهريب البشر وتجارة الأعضاء، بدلا من ملاحقة المناضلين الشرفاء، الذين ظلوا عبر تاريخهم النضالي، سياجا يحمي حدود السودان الشرقية من مختلف أنواع الإنتهاكات.

 

وفي الختام نتوجه لكافة هيئات حقوق الإنسان، والنقابات، والإدارات الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني السودانية - قبل غيرها- للتعبير عن تضامنها مع الشعب الإرتري وقواه المناضلة، والسعي مع كافة الجهات ذات الصلة في الصعيدين الإقليمي والدولي، للحيلولة دون تعريض المناضلين للمخاطر، عبر تسليمهم لسلطات أسمرا القمعية، والتي لن تتوان عن إلحاق الأذى الجسيم بهما.

 

التحالف الديمقراطي الإرتري

02 فبراير 2016م

قام أعضاء اتحاد المعوقين الارتريين بفرع ألمانيا وإخوة كرام بالتبرع بمبلغ 1.100 ( ألف ومائة ) يورو لدعم معسكر جرحى ومعاقي حرب التحرير الارترية بمدينة كسلا بشرق السودان. ساهم بالتبرع في فترة وجيزة مهتمون ارتريون من الجنسين يقيمون بمدن: توبنقن، روتلينغن، إشتوتغارت وضواحيها.

 

إدارة اتحاد المعوقين وأعضاء الاتحاد عامة يودون بهذه المنسبة أن يعربوا عن امتنانهم الفائق لكل من اهتم بتقديم العون لهذا المعسكر ويخصُّـــون بالذكر الدور الاستثنائي للأخت/ ترحاس أمانئيل التي كرَّست جهودها واتصالاتها التلفونية لمثل هذه الأعمال الإنسانية. كما يوجه الاتحاد الدعوة لكل من يهمهم الأمر بالمساهمة الدائمة في هذا الجهد الانساني.

بدعوة من المنتدى الإرتري للحوار الوطني شهدت العاصمة الكينية نيروبي في الفترة من 27 -  29 نوفمبر 2015م لقاءاً تشاورياً للمعارضة الوطنية، في هذا اللقاء النوعي الباعث للأمل نحو غدٍ مشرق قــُــدِّمـَــتْ أوراق بحث ونقاش عديدة نشر بعضها بالانجليزية وبعضها بالتجرينية والبعض الآخر بالعربية، واليوم نقدم لكم النص العربي لورقة السيد/ ولد يسوس عمار مسئول العلاقات الخارجية لحزب الشعب الديمقراطي الارتري.

اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري

 

عمليات الانتقال السياسي ونماذج التحوُّل الديمقراطي

بقلم/ ولد يسوس عمار

مدخل:

نسبة لضيق الزمن المتاح، سوف لن أقدم لهذه الورشة ورقة بحثية، بل فذلكة مختصرة للمناقشة تتمثل في (الخطة الانتقالية لارتريا) والتي طرحناها – نحن الأحزاب المؤسسة لحزب الشعب الديمقراطي الارتري الحالي في الورشة السياسية الارترية في يوليو 2009م ثم مرةً أخرى في ورشة التحالف في فبراير2010م، والتي نقدمها هنا ملاحق لهذه الدراسة. نحن في معسكر المعارضة الوطنية غالباً ما يجبرنا عدم الاستفادة من الدروس الفائتة علي استذكار أوراقنا القديمة لعلنا نستوعب ما فيها بصورة أفضل من ذي قبل. الأفضل بالطبع أن لا نكرر ذات الأخطاء المرة بعد الأخرى

لكن قبل التعريف بالورقة وفتح باب المناقشة حولها اسمحوا لي بذكر حقائق عامة عن افريقيا عموماً وارتريا خصوصاً علي علاقة بعمليات الانتقال السياسي والتي غالباً ما تتبلور عن عقدة عصية علي الاختراق، وذلك لأن التغيير الحقيقي يتطلب هدم النظام التسلطي القائم وبناء نظام ديمقراطي جديد علي أنقاضه يمتلك مؤسسات راسخة وقوية. فلندلف الآن الي الوضع الانتقالي في افريقيا.

عمليات الانتقال السياسي في إفريقيا:

تقريباً نالت جميع الدول الافريقية استقلالها في الستينيات، ولكن سرعان ما تبخرت أحلام الحرية والاستقلال بوقوع البلاد فريسةً في أيدي أنظمة دكتاتورية من صنع أبنائها، وبرزت بوادر روح تغيير وصفت ب(التحرير الثاني)، (Second liberation) ، في عمليات الانتقال هذه صفات مميزة لكل دولة قطرية/ مجتمع ...الخ. هناك حالات مختلفة وتجارب متفاوتة الحجم والنوع، وذلك لأن كل قطر يملك من الخصائص والتجارب التاريخية والاجتماعية ما يتفرد به عن الأقطار أو المجتمعات الأخرى وتحديات أخرى لابد من وضعها في الاعتبار عند وضع أو مناقشة الخطة الانتقالية والتي قد ترتبط حتى بعوامل خارجية أيضاً.  

منذ حوالي ثلاثين عاماً وقعت افريقيا في قبضة ثلاث أنواع من الأنظمة الدكتاتورية (بعضها ما يزال يرسف تحت نيرها)، هي: دكتاتورية الرجل الواحد، الحزب الواحد أو الأنظمة العسكرية، أهم أسباب وعوامل ذلك تتمثل في الآتي:

أ/ الهيمنة التاريخية للزعامات الافريقية التقليدية.

ب/ الاستسلام لفكرة مشروعية حكم الفئة الغالبة ديموغرافياً، أي الفئة السكانية الأكبر حجما وبالتالي نفوذاً في شتى الميادين.

ج/ التعلل بالدفاع عن الوحدة الوطنية في وجه فوضى النعرات القبلية، الطائفية، المناطقية..الخ.

د/ التبرير الأيديولوجي لاستمرارية الحكم الدكتاتوري.

هـ/ الأفضلية المدَّعاة لحاكم قوي (المستبد العادل) للإسراع بخطوات النمو الاقتصادي دون معوقات بيروقراطية أو بروتوكولية.

كما نذكر فإن أغلبية الآباء المؤسسين للدول القطرية الحديثة وحركات التحرر السابقة قد احتكروا السلطة، أما منافسة أو مشاركة المجتمع المدني فقد كبتت وقمعت بلا رحمة، من ثم أصبح الحكام (رؤساء مدى الحياة)، أو حلموا بذلك.

الحرب الباردة والانتقال السياسي في افريقيا:

التحول السياسي نحو الديمقراطية في إفريقيا استرشد واستعان بعامل خارجي هام للغاية ألا وهو سقوط المعسكر السوفيتي أو نهاية ما عـُـــرِف بالحرب الباردة، يقول كاتب راصد للتطور السياسي في افريقيا: إن دول افريقيا بأجمعها شهدت خلال فترة طويلة امتدت من 1960 – 1989م ثلاثين (30) عملية انتخابية، بينما شهدت خلال ما يعادل نحو ثلث تلك الفترة فقط، أي من 1990 – 2012م ستين (60) عملية انتخابية في العام، كما شهد العام 1991م ستاً وثمانين (86) تظاهرة عنيفة تطالب بالدمقرطة والتغيير، حيث نتج عن ذلك قيام 28 قطراً افريقياً بتنظيم انتخابات عامة خلال أعوام قليلة، وغادر السلطة مهزوماً بنتائج تلك الانتخابات 13 رئيساً أو حاكماً. لقد كانت بداية واعدة ولكن الكثير من تلك الحالات تعرضت لانتكاسات وارتدادات وانقلابات مضادة. في 1991م ودون أن تدري ما يخبئه لها المستقبل غرقت ارتريا في الرقص طرباً وفرحاً بنصرها التحرري الباهظ الثمن، بينما كانت بقية أقطار افريقيا تقيم حفلات الوداع والاستيداع لدكتاتورييها السابقين.

الانتقال السياسي في افريقيا يمر بطرق وممرات متعددة منها الآتي:

أ/ عبر الانقلابات العسكرية والتي لم تعد مقبولة من قبل المنظمة القارية (الاتحاد الافريقي).

ب/ عبر مؤتمرات وطنية تداولية (شهدت افريقيا الغربية عدة نماذج منها).

ج/ عبر بعض الرؤساء الذين قبلوا أن يصبحوا جزءاً من العملية الانتقالية (نموذج بنين

د/ نماذج الثورات أو الانتفاضات الشعبية التي شهدتها جمهوريات كلٍّ من تونس ، اثيوبيا ( الأخيرة عن طريق العنف).

هـ/ عبر توافق تفاوضي (الحالة في زمبابوي، ناميبيا وجنوب افريقيا).

حالة بنين (غرب افريقيا) في 1989م والعملية الانتقالية في تشيلي (امريكا الجنوبية) سمحتا لحكامهما بالاستمرار جزءاً من العملية الانتقالية التي من طبعها أن تعمل في خاتمة أمرها علي إنهاء واستئصال الدكتاتورية، في تجربتي بنين وتشيلي (2) انتصرت قوى التغيير بالاستفادة من إيجابيات الدساتير الدكتاتورية. (هل بإمكان الارتريين تحقيق التغيير بتنشيط واستخدام دستور 1997م؟؟؟).   

احتمالات العنف الناجم عن التغيير السياسي:

حسب بعض المختصين من الكتاب فإن فرص واحتمالات العنف الناجم عن عملية التغيير السياسي قائمة ومتوقعة بكثافة، لذا علي قوى التغيير أن تدرس تلك الفرص والاحتمالات العنفية وتعمل بكل الجد والإخلاص علي محاربتها أو تخفيف آثارها الي أبعد الحدود، وذلك عن طريق الآتي:

 - 1           تعزيز قدراتنا بما يعيننا علي فهم ودراسة الأسباب الأساسية للعنف.

 -2            امتلاك القدرة علي التدارك السريع للتوترات وبتر جذورها من الأساس.

-3            علي قوى التغيير خلق علاقات إيجابية مع المجتمع الأهلي ومنظماته، صناع القرار، الهيئات الدولية والاقليمية.

 -4            خلق وعي اجتماعي عميق بالحاجة الي انتقال سياسي آمن.

في بلادنا أيضاً، فإن تحرِّي الطرق السلمية لعملية التغيير، تحديد الطريق المناسب الي التحول السياسي، زيادة القدرة علي التصرف الحكيم تجاه احتمالات ظهور العنف في مرحلة الانتقال الي ما بعد الدكتاتورية في ارتريا ...وغير ذلك من التحديات والمهمات الجسيمة تنتظر القوى الارترية التي تناضل من أجل التغيير الديمقراطي.

عملية الانتقال السياسي في ارتريا:

بحكم أن لكل مجتمع مميزاته الخاصة، فإن مناقشة الانتقال السياسي في ارتريا لا شك يستدعي إلقاء الضوء اللازم علي فترة ال 125 عاماً من الخلفية التاريخية والاجتماعية والسياسية للقطر مع التركيز بصفة أخص علي التطورات السياسي – اجتماعية التي مر بها ذلك القطر، لنقـُــلْ مثلاً خلال الأربعينيات – الخمسينيات من القرن العشرين، وبالقدر ذاته خلال الثلاثين عاماً عمر الكفاح التحرري المسلح وأخيراً حقبة ربع القرن التي أعقبت تحرير البلاد من الاحتلال الأجنبي واستيلاء نظام الرجل الواحد والحزب الواحد علي السلطة.

في مناقشتنا اليوم، فإن المرء لا يملك إلا أن يقرر أن الانتقال من الدكتاتورية الي حكم ديمقراطي في ارتريا لابد أن يتأثر أو بالأحرى يعاق بعدد من العوامل تشمل الآتي:

 /1غياب القيم والمثل الديمقراطية، جنباً الي جنب الافتقار الي نخبة رائدة وجديرة بالثقة (إذ كيف تبنى الديمقراطية بلا ديمقراطيين؟) كما تساءل كاتب عن أحوال مماثلة للحالة في ارتريا.

 /2 التباين العرق – لغوي، الديني، الثقافي، الجغرافي ...الخ.

 /3 العقلية العسكرية الراسخة القدم في البلاد.

 /4 وجود وحدات سياسية مترددة وأزمة ثقة متبادلة والتي ما تزال بحاجة الي المصالحة.

 /5 انعدام الثقة في المحيط المجاور، خاصةً اثيوبيا.

 /6 انخفاض مستوى التعليم والوعي السياسي لدى الأغلبية العظمى من المواطنين.

    

إن مساءلة الذات أو النقد الذاتي بإثارة مثل هذه العوامل والتحاور المستمر (كما فعلت قوى التغيير التشيلية، انظر الهامش رقم "2") سوف يفيدنا كثيراً.

سيناريوهات التغيير في ارتريا:

حسب اختلاف الرؤى وتعدد القراءات قد تحتوي السيناريوهات الحالية للتغيير في ارتريا اليوم علي ما يلي:

 / 1انقلاب عسكري:

•             يقوم به بعض كبار الضباط لضمان استمرار حكم الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة، مع الإيماء الأكثر ترجيحاً الي إمكانية استدعاء وتفضيل رفاق سلاح الشعبية السابقين والوعد بإنفاذ دستور 1997م.

•             قادة الجيش المتنافسين قد يشعلون حرباً داخلية قد تتطور الي حربٍ أهلية شاملة.

•             ضباط الجيش من الرتب الأصغر قد يسعون الي دعوة شتات المعارضة الخارجية مع أنها ليست في وضعٍ يمكنها من تقديم المساعدة أو الإسهام المجزي بالنسبة لهم. بل علي العكس قد تساعد علي إجهاض المحاولة

 /2 تغيير مدعوم من قوى خارجية:

مسنودةً من قوة خارجية قد تنفذ بعض وحدات الجيش انقلاباً عسكرياً.

 /3 احتمال قيام انتفاضة شعبية عارمة

تخلـُّــص الشعب من عامل الخوف والتردد مع حدوث بعض الظروف المواتية أو كسب عطف الجيش والقوات النظامية قد يحدث تغييراً سلمياً قد ينبثق عنه تحول ديمقراطي كلي أو جزئي.

ماعدا التغيير الذي ينتج عن انتفاضة شعبية سلمية فإن معظم هذه السيناريوهات قد تقود الي المزيد من الكوارث. وحتى هذا الخيار الأمثل إذا ما نـُــفـِّــذَ في ظل النظام القمعي القائم فستكون فرص نجاحه أقل وكلفته المادية والبشرية باهظة للغاية. وبما أنه ليس هناك من هدف وراءه نضال شعبي عارم غير قابل للتحقــُّـــق، فمن المحتمل أيضاً أن يضطر النظام الدكتاتوري الحالي الي تحسس إمكانية إجراء تغييرٍ ما، مهما كان ذلك التغيير طفيفاً. وبهذا يبدأ حفر قبره بنفسه. وشيئاً فشيئاً يتزايد الحراك الشعبي وتعلو سقوف مطالباته حتى يحدث التغيير المنشود، لكن تحقيق ذلك يستدعي تحقق عوامل من قبيل:

 -1           وجود قوة تغيير منظمة بالداخل.

 -2            قوى معارضة خارجية موحدة تنقل رسالة صحيحة ومتناغمة (لا مكان فيها لمن يوحي لشعبنا أننا شعبان اثنان أو ربما تسعة شعوب)

3- تحويل وجهة العطف والدعم العالمي للنظام الي المعارضة وأن تجد الدعم الكامل من المنظمات الاقليمية والدولية. 4- أن يتجه جيران ارتريا الي دعم وتفضيل التغيير فيها.

بإيجاز يمكننا القول: إن التغيير المطلوب والدائم والقابل للتحقق هو ذلك الذي يتحقق عبر مشاركة شعبية واسعة. ولن يكون ذلك ممكناً إلا باتخاذ الأسلوب الديمقراطي اللا عنفي وسيلةً، هذا بالإضافة الي خلق مظلة وطنية شاملة وجاذبة ومحتضنة لفئتي المرأة والشباب داخل البلاد وخارجها، حزبياً نحن في "الشعب الديمقراطي" نسعى الي خلق تحالفات سياسية مؤقتة وطويلة الأمد ترسي دعائم دولة ديمقراطية مستقرة ومزدهرة).  

كما يقول الكثيرون منا: "إن ما أوصل البلاد الي حيث هي الآن هو أن بداية حقبة 1991م لم تكن شاملة، أي لم تشملهم"، وذلك بدوره نابع من عقلية المنتصر التي ترى أن (كل شيء للمنتصر). التحدي الكبير الذي يواجهنا اليوم هو محاربة توجهات الإقصاء للآخر لتحل محلها الثقة بين كل اللاعبين. نحن في حزب الشعب الديمقراطي نؤمن بأن الحل يكمن في تبني ميثاق وطني يؤكد أننا سوف نبدأ طوراً جديداً يتخلله تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة نطلق من خلالها آلية إصحاح ومصالحة تدرس وتعالج كل المظالم بعدالة وإنصاف.

الخطة الانتقالية لإرتريا:

كما هو مشار إليه آنفاً، في يونيو 2009م بعث كلٌّ من حزبي الشعب والديمقراطي الارتريين، العضوين حينها في تحالف المعارضة المعروف بالتحالف الديمقراطي الارتري، بعثا بمسودة مشتركة للخطة الانتقالية الي التحالف لتعتمد ضمن أوراق ورشة التحالف التي عقدت بأديس أبابا في يوليو 2009م. ثم بعثا بها ثانيةً في فبراير 2010م وهما مندمجان في حزبٍ واحد هو حزب الشعب الديمقراطي الحالي لتكون جزءاً من أوراق الملتقى الجامع المعروف بالملتقى الوطني الذي عقد لاحقاً في صيف 2010م. لكن قيادة التحالف رفضت استلامها. وقد طلبنا حينها أن تتضمن الخطة المبادئ التالية:

•             أن تتوفر لأي مواطن فرصة المشاركة الكاملة في أي منشط تشاوري يتعلق بالعملية الانتقالية.

•             أن تتمتع العملية الانتقالية بالسلاسة وتحظى برضا الشعب واطمئنانه علي إنفاذها رسمياً وقانونياً.

•             التأكيد الجازم علي صون استقلال البلاد ووحدة أراضيها.

•             المنتدى الوطني هو الذي يحدد عمر الفترة الانتقالية.

كانت الخطة تهدف الي أن تتضمن فترتين بمهام وهياكل محددة علي النحو الآتي:

 /1 الدعوة الي مؤتمر وطني جامع ذي قاعدة عريضة يعقد بالمهجر ليضع العملية الانتقالية ضمن الميثاق الوطني المنبثق عنه، وينتخب هيئة وطنية استشارية (مجلس شيوخ) ويحدد صلاحياتها وسلطاتها. الميثاق الوطني هو الوثيقة المرجعية لفترة ما قبل الانتقال والذي يحدد أعضاء المنتدي الأول من خلالها ما تم من اتفاقات بين الحضور

 /2 الهيئة الوطنية الاستشارية (مجلس الشيوخ) حسب الصلاحيات المخولة لها من المنتدى الوطني تعتبر أعلى سلطة تقود المرحلة الانتقالية.

 /3 تشكل الهيئة الوطنية الاستشارية (مجلس الشيوخ) هيئة تنفيذية تتولى عملية الإشراف الإداري المباشر لعملية إنفاذ تعليمات الهيئة في الفترة ما بين المنتدىين الوطنيين الأول والثاني.

 /4المجلس الانتقالي: هو البرلمان الوطني الانتقالي لارتريا الذي ينبثق عن المنتدى الوطني الذي تنظمه الهيئة الوطنية الاستشارية (مجلس الشيوخ) بالتعاون والتشاور مع الهيئة التنفيذية.

 /5 الحكومة الانتقالية: هي السلطة التنفيذية الانتقالية التي يشكلها المجلس الانتقالي لإدارة البلاد الي حين تكوين برلمان وحكومة عبر انتخابات ديمقراطية.

المرحلة الأولى:

المنتدى الذي يعقد في فترة ما قبل الانتقال (أي قبل سقوط نظام الهقدف) يقوم بالآتي:

•             يصادق علي الميثاق قبل الانتقالي.

•             يشكل لجان الهيئة الاستشارية.

•             يحدد عمر لجان الهيئة الاستشارية.

•             يضع القوانين واللوائح المرشدة لعمل الهيئة الاستشارية.

•             يضع الخطط والسياسات الهادفة الي إسقاط النظام الدكتاتوري.

المرحلة الثانية:

بعد سقوط النظام فإن المجلس الوطني وهيئته التنفيذية (بالتفاهم مع قوى الداخل حسبما تسمح به الظروف) يخلفان النظام المخلوع ويدعوان الي المنتدى الوطني الثاني الذي يقوم بالمهام الآتية:

•             يقوم بتكوين المجلس الانتقالي الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية في الفترة الانتقالية.

•             يضع السياسات والوسائل الكفيلة بحفظ أمن وسلامة البلاد أثناء الفترة الانتقالية.

•             يحدد طرق وضع وإجازة دستور البلاد الدائم.

•             يحدد طرق تشكيل ومهام وصلاحيات الحكومة الانتقالية.

•             يضع القوانين واللوائح المنظمة للانتخابات العامة وتكوين الأحزاب السياسية.

•             إجازة الميثاق الوطني.

•             مناقشة وإجازة الدستور الانتقالي.

•             مهام إضافية: الاقتصاد الوطني، السياسة الخارجية، إعادة تنظيم الجيش وما شابه ذلك من قضايا.   

----------------------------------------------------------------------------------------

الهوامش: 1/ نموذج الزعيم ماثيو كريكو رئيس جمهورية بنين حالة مثالية لزعيم افريقي يسمح بفترة انتقالية عبر التنازل طوعاً لا عنفاً، تبع ذلك تظاهرات احتجاجية متكررة في 1989م، كما أنهى كريكو ولاءه الأيديولوجي للماركسية. قدم تنازلات، دعا الي مؤتمر مصالحة وطنية انتهى الي نتائج في غير صالحه، تواضع وطلب العفو فوجده، خاض الانتخابات وخسرها، تم وضع دستور جديد للبلاد، كان ذلك نقطة تحول تاريخية في الانتقال الي الديمقراطية في افريقيا.

2/ كما نعلم خضعت تشيلي للدكتاتورية في الفترة من 1973 – 1990م. وعلي الرغم من تمتع تشيلي بتقاليد ديمقراطية عريقة وامتلاكها لطبقة وسطى ضخمة الحجم، إلا أننا ما زلنا نستمد دروساً غنية من تجربتها في الانتقال.

 "أ" كما هو الحال لدى الارتريين اليوم كانت المعارضة التشيلية تعاني من التمزق.

"ب" في 1984م انخرطت القوى التشيلية الديمقراطية في عقد الآلاف من الاجتماعات والسمينارات، وهذا في النهاية ساعدها علي الاتفاق علي المطلوب منها القيام به. اتفقوا علي خارطة طريق لفترة الانتقال، كما اتخذوا من دستور الدكتاتور/ بينوشيه قاعدة قانونية يضيفون اليها ويحذفون منها، ثم شرعوا في وضع تفاصيل وملامح الهياكل المستقبلية للدولة.

"ج" اتفقوا علي أن يكونوا حذرين تجاه المؤسسات الطويلة الأجل، إذ الدكتاتوريون يتجاوزون علامات حدودهم القانونية، بالإجراءات وقوة الشخصية.

"د" الديمقراطية يجب أن تعني الأمن والنظام. يجب أن تكون قادرة علي منع ظهور العنف (في ارتريا بلغ رهق الحرب وكراهيتها أقصى الحدود، وذلك لامتدادها علي مدى أكثر من نصف قرن بصورة وأخرى. لذا فإن أولى أولويات الارتريين اليوم هي السلم والنظام).

"هـ" تحقيق قفزة صلبة في النمو الاقتصادي.

"و" الديمقراطية يجب أن تعني العدل وحكم القانون والتمثيل في المؤسسات السياسية والمدنية، تمهيد الأرضية لترسيخ المصداقية، التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان من خلال آليات فعالة (effective mechanisms).

قبل عشر سنوات من الآن قضى المناضل/ سيوم عقبا ميكائيل رئيس جبهة التحرير الارترية – المجلس الثوري آنذاك يوم السادس عشر من ديسمبر 2005م بمكتب التنظيم بأديس أبابا، كان سيوم قد قدم الي العاصمة الاثيوبية أديس أبابا في السابع والعشرين من نوفمبر 2005م في مهمة تنظيمية ونزل بفندق يوردانوس – الغرفة ( 206 ) وفي ذلك اليوم ( 16 / 12 / 2005م ) تغدَّى مع رفاقه أعضاء المكتب وفي الثالثة والنصف عصراً اتجه الي الفندق حيث يقيم، وَوَعَـدَنا أن يعود الينا مساء ذات اليوم وفي حال تعذر ذلك أن يأتينا صباح الغد. لكن لأنه كان يشكو من إحساس بالفتور والتوَعُّـك لم يأتنا في موعده المسائي وانتظرنا موعده الآخر الصباحي بغير قلق.

Seyoum OM

صادف اليوم التالي الأحد العطلة الأسبوعية، وبينما كنت أتأهب للذهاب الي مكتب التحالف الديمقراطي الارتري (حيث مقر العمل المشترك للمعارضة ) اتصل بي سيوم طالباً مني الحضور اليه في الفندق، وكانت الساعة تشير الي السابعة، ولأن الفندق كان قريباً من مكتبنا لم ألبث أن وصلت اليه، وفي غرفته اجتمعنا نحن الثلاث، شخصه وأنا ومنقستئاب أسمروم (رئيس حزب الشعب الديمقراطي) الذي أتى معه الي اثيوبيا في نفس المهمة التنظيمية، وجدنا سيوم وقد ترك السرير وجلس علي كرسيٍّ مضاعِـفاً علي جسده الأغطية، وأخبرنا أنه بالفعل قد توعـَّــكَ، ووصف لنا حاله بالقول: إنه يشعر بالبرد وآلام (طعنات) في الصدر، وأضاف: قلتُ قد تتحسن حالتي بالاستحمام فما ازددت إلا سوءاً. لذلك قررنا التعجيل بأخذه الي أقرب مكان للعلاج، فأخذته أنا وذهبت به الي أقرب عيادة، لكن للأسف وجدنا العيادة مغلقة نسبةً للعطلة الأسبوعية، فذهبنا بالتاكسي الي أخرى، ونسبةً لأن الوقت كان ما يزال فجراً حيث تقل زحمة السيارات سرعان ما وصلنا الموقع، ولأن الدوام لم يبدأ بعد لم نحصل علي الطاقم الطبي المسئول من العلاج، نصحنا الطبيب المناوب بأن نعطي المريض حقنة مهدئة للألم تمكنه من انتظار الطبيب المختص وبالفعل أحضرت الحقنة من صيدلية العيادة وحُــقـِــنَ بها.

 

وأثناء انتظارنا للطبيب سألته ما إذا كانت الحقنة قد حسنت من وضعه؟ فأجابني: نعم، ولكنه قال متبرماً من تأخر الطبيب: لقد تأخر، متى موعده؟ حضر الطبيب في حوالي الثامنة والربع،وبما أننا كنا أول الواصلين للعيادة كنا أول من دخل الي الطبيب. وبعد تفحصه قليلاً قرأت في وجه الطبيب تعبيرات تدل علي هلعه وانزعاجه مما وجد عليه المريض سيوم من تأخر حالته، أنا الآخر وبعد أن كنت أستسهل الحالة أثر عليَّ ما قرأته في وجه الطبيب من انزعاج فانتابتني المخاوف وبعد أن تفحص الطبيب مريضنا بمختلف الأدوات الطبية أخذه علي كرسيٍّ متحرك الي غرفة أخرى، وهناك توقفت أقدام سيوم عن الحركة وهي التي لم تعرف السكون والتوقف يوماً، ومن تلك التغيرات المتلاحقة علي حالة سيوم تصاعدت مخاوفي أكثر فأكثر، وبعد قليل كتب الطبيب أمراً في قصاصة ورقة بأخذ سيوم بسيارة الإسعاف الي مستشفىً كبير يقع بالقرب من الإستاد. وبحكم قرب موقع تواجدنا ذاك من مكتب المجلس الثوري حينها سرعان ما أخذت معي من المكتب مبلغاً مالياً إضافياً لشعوري بقلة ما كان لديَّ من النقود، وبعدها وصلت بنا السيارة الي المستشفي المذكور الذي لم يكن يبعد عن مكتبنا كثيراً. في الطريق الي المستشفي سألته عن حاله، فأجابني بصوته المعتاد: أنه لا بأس به، لكن أزيز صدره لم يتوقف، ثم أمرني بالاتصال بالسيد/ قبراي كي يأتينا في المستشفى بسيارة، وبالفعل وصل قبراي وانتظرَنا هناك، بعد ذلك وحتى لا أسبب له المزيد من التعب والألم لم أوجه له المزيد من الأسئلة، وكان كلانا أنا وسيوم نحدث أنفسنا ساكتين، وصلنا بسرعة لقرب المكان وسرعة السيارة، وكالمعتاد بمجرد سماع طاقم المستشفى صوت السيارة المألوف لديهم كثفوا من استعداداتهم لاستقبال سيارة الإسعاف وساعدوني علي إنزال المريض وأخذه الي سرير بقسم الطوارئ والحالات المستعجلة، وقبل وصول الطبيب سألني سيوم ما إذا كان المستشفى حكومياً أم خاصاً؟ فأجبته أنه خاص، فأجابني: إذاً سوف تكون فاتورته عالية، ألا نذهب الي مستشفىً حكومي أقل تكلفةً من الخاص؟ فرددت عليه أن هذا أمر ننظر اليه في وقتٍ أوسع، لنكشف علي حالتك هنا أولاً ثم نقرر الخطوة التالية. بعد ذلك قطعنا الحديث الذي قطعه علينا الطبيب الشاب الدكتور/ يوناس الذي أتانا مسرعاً بعد نظره القصاصة القادمة من الطبيب السابق، الدكتور يوناس أمرني بالخروج من الغرفة فخرجت، كانت تلك النظرات القلقة التي ألقيها عليه وأنا أغادر الغرفة آخر عهدي بالشهيد سيوم.

 

بعد تفحصه لسيوم أشار الدكتور يوناس لزملائه الأطباء فرأيتهم يتسابقون نحو غرفة الطوارئ التي يوجد بها سيوم، واستبد بي القلق والهلع، وبدأت أذهب مذاهب أبعد من كون الأمر أم مرض، أي وضعت في خاطري الموت أيضاً، ومن خلال الباب الذي لم يحكم إغلاقه شاهدت الأطباء محيطين بسرير الشهيد/ سيوم، ومن حركة الأطباء أدركت أن سيوم في أنفاسه الأخيرة، وبعد دقائق وفي حوالي العاشرة صباحاً سمعت من مدير المستشفى الذي لا يحضرني الآن اسمه ينادي علي مرافق السيد/ سيوم عقباميكائيل، أنا والسيد/ قبراي قبريسوس صديق ورفيق نضال الشهيد/ سيوم القديم يحدونا الأمل في شفاء مريضنا خففنا ملبين نداء المدير، لكنه أجابنا أن قلب السيد/ سيوم قد توقف عن العمل لكن الأطباء إذا حالفهم العون من الله تعالى فإنهم يبذلون أقصى مساعيهم لتدارك حالته، السيد/ قبراي سأل المدير: هل من الممكن التعاون معنا بنقله الي مستشفىً أكثر تقدماً أو حتى نقله الي الخارج؟ لكن الطبيب الذي كان يعرف المدى الحقيقي لما وصلت اليه الحالة أجابه باقتضاب: أن القيام بذلك قد فات أوانه، ثم عاد الي الغرفة التي كان يصارع فيها الشهيد الأنفاس الأخيرة من عمره، عند ذلك حدَّث كلٌّ منا نفسه أن سيوم والموت قد تقاربا، لكن لم يجرؤ أيٌّ منا أن يعلن أن سيوم سوف يموت أو قد مات بالفعل.

 

في الأثناء وبعد أن شرحت لهم حراجة الموقف تقاطر الي المستشفى كل المتواجدين حينها بالمكتب من رفاقنا، منقستئاب أسمروم، جمع أحمد، قبرهيوت طقاي، تخلاي تسفاقابر وأخذوا يتابعون معنا وضع المريض عن قرب.

في حوالي الحادية عشرة والنصف دعانا المدير ثانيةً، وذهبنا اليه مسرعين فسلمنا فاتورة بمبلغ 194 بر اثيوبي لنسلمها لقسم الحسابات ونعود اليه بالإيصال المالي، استلم الإيصال وأخبرني بصوتٍ حزين ومتألم لألمنا أن جهودهم في إنقاذ مريضنا السيد سيوم لم يحالفها النجاح ومن ثم دعا لنا بالصبر وحسن العزاء وتركنا وانصرف الي عمله. بذلك كـُـتِــبَ عليَّ أن أكون الشاهد والسامع الأول لآخر كلمات سيوم ومشهد وفاته، وفور ذلك قمت بإبلاغ الخبر لمجموعة الزملاء الذين ذكرت أسماءهم أعلاه ويومها ( 17 / 12 / 2005م ) وإن كانت الشمس مشرقةً والجو صحواً أظلمت الدنيا في أعيننا.                              

 

بعد أن تجاوزنا تلك اللحظات العصيبة انتقلنا الي المشكلة الكبرى التي تصادف كل من يموت خارج وطنه، ألا وهي تعقيدات إجراءات الدفن وما اليه، نحن الأحياء وضعتنا الأقدار وفجائية الموت أمام مهام جديدة كان لابد لنا من إنجازها دون إبطاء. بعضنا من قيادة التنظيم ذهب الي السفارة الهولندية لإبلاغ الجهة التي يحمل الشهيد جوازها، بعضنا شرع في إجراءات تجهيز وإخراج الجثمان، ولأن إجراءات الدفن يسبقها فحص الجنازة فقد أحضرنا من حانوتي بالقرب من المستشفى صندوق النعش وعربة خاصة بحمل الجثمان، ثم طلبنا نقلنا لمستشفىً حكومي للفحص الطبي، لكن صادف اليوم العطلة الأسبوعية فأخذنا موعداً ليوم غدٍ الاثنين، وتركنا شهيدنا بين الموتى وخرجنا نجرجر الخطى في حوالي الثالثة عصراً واجتمعنا جميعاً في مكتبنا لنعقد اجتماعاً ترأَّسه منقستئاب أسمروم، وهناك تمالكنا حزننا وتقاسمنا المهام بيننا، صباح الاثنين ذهب البعض الي حيث الفحص الطبي بمستشفى منليك الحكومي والبعض ذهب الي كلٍّ من السفارة الهولندية ووزارة الخارجية الاثيوبية لتدبير أمر ترحيل الجثمان الي هولندا، قِــسـْـمُـنا الثالث كان عليه التواجد بالمكتب لاستقبال المعزين وخدمة الضيوف.

 

يوم الاثنين الموافق للتاسع عشر من ديسمبر 2005م أنجز المكلفون منا بمتابعة الجثمان مهام الفحص والتحنيط بما يتناسب والرحلة الطويلة نسبياً التي سوف يقطعها من اثيوبيا الي هولندا، بالتالي فرغ الكل من إنجاز مهمته. وبعد التأكد من جاهزية الجثمان للتسفير في يوم الثلاثاء الموافق للعشرين من ديسمبر 2005م قمنا بالحجز علي طائرة الخطوط الاثيوبية المتجهة الي هولندا. وفي ظهيرة ذلك اليوم أتاح لنا مستشفى حياة الحانوتي الذي تولى تجهيز الجثمان للسفر قاعة لترتيب برنامج توديع الجثمان بإقامة برنامج تأبين مختصر الفقرات، حيث تليت السيرة الذاتية للشهيد وألقيت بعض القصائد الشعرية، لقد امتلأ المكان بالبشر ارتريين واثيوبيين رسميين وشعبيين يتقدمهم قادة وكوادر وأعضاء جميع التنظيمات السياسية الارترية، وحضر من الجانب الرسمي الاثيوبي كلٌّ من السيد/ سبحت نقا من جبهة الإهودق (الائتلاف الحاكم) والسيد/ سليمان السفير بوزارة الخارجية الإثيوبية والسيد/ هيليكيروس قسسي سفير اثيوبيا بالصين حينها، والسيد/ حبور قبركدان مدير منتدى صنعاء (صنعا فورَم) وآخرون.

في العاشرة مساءاً من ذلك اليوم وَدَّعْــنا الجثمان الي هولندا برفقة الأخ/ جمع أحمد ليكون في استقباله رفاق الشهيد من قيادة التنظيم وزوجته السيدة/ أزمارا هيلي، ومن ثم طوينا سرادق العزاء المقام بأديس أبابا.