حزبنا ظل وسيظل وفياً لما يعتقد أنه السبيل الأمثل للنضال

2016-02-22 13:37:06 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 2549 times

( يؤكد الحزب استعداده التام للمشاركة في المساعي الحثيثة لتوحيد قوى المعارضة في إطار جبهوي يضم جميع من لهم مصلحة في إسقاط نظام الهقدف ) كان هذا من أهم قرارات المؤتمر العام الثاني للحزب المتعلقة بالعمل المشترك للمعارضة الارترية. لذلك سيظل حزبنا يؤكد بشدة علي مشاركته الفعالة في كل جهد جماعي أو فردي مخلص يوصل الي هذا الهدف. من جانب آخر فإن تمسكه بقراره هذا لن يمنعه من التعامل بسياسة الباب المفتوح وتبادل الرأي مع كل قوة لديها أطروحات كفيلة بإيصال الجميع الي الهدف المشترك.

 

إن مجهودات السعي لخلق إطار مشترك للمعارضة ليس مسئولية حزبٍ أو قوة بعينها من دون الآخرين. وهذا ما يجعلنا مصرِّين علي الدوام علي التمسك بمبدأ الأخذ والرد وتبادل الرأي في كل أمرٍ عام. ولأن مهمة توحيد المعارضة أمر سياسي عام تتفاوت فيه الأنصبة والجهود لن يتم الفراغ منها في يومٍ وليلة أو ببيان إعلاني واحد وإنما من خلال مسيرة عمل مخلص ودءوب. إننا علي قناعة بأنه سوف يكون من المفيد التفهم مسبقاً أن الوضع في مثل تجاربنا التي تمر بدروب وعرة ومنعطفات معقدة قد يتعثر أحياناً ولكنه في كل الأحوال قابل لاستئناف السير مجدداً. إنه من السهل تحديد داء أو مشكلة البادئ بالعملية الطويلة الأمد، أو المبتدر بالدعوة الي حوار إيجابي للشروع في السير قدماً. فإذا صادف مقترح الداعي هوىً في أفئدة الكثيرين لن يصعب عليه أن يعم مقترحه فيكون مقترح الكل. الأمر لا يقتصر علي موضوعية أو جاذبية الفكرة المثارة، بل علي ما يتمتع به الشخص أو الجهة المبادرة من صبرٍ وأناة، لا يعرف اليأس، مجامل وصبور علي جنوح الغير، لا يبخل بالوقت والجهد لإقناع الغير برأيه الإيجابي...الخ.

 

في الآونة الأخيرة اتخذت في كلٍّ من فرانكفورت ونيروبي مبادرات جديدة وجادة، وفي الملتقى الأخير بالذات جرت حول وضع المعارضة أطول المحاورات والمناقشات، صاحب الدعوة للقاء الأخير منظمة منتدى الحوار الارتري (مدرخ) أيضاً شرحت مطولاً مضمون وأهداف مبادرتها، ولا يزال النقاش حول اللقاء ومتعلقاته مستمراً غير منقطع، لكنها في الأغلب وفي كل الأحوال محاورات وتداخلات إيجابية تنطلق من تقييم موضوعي وضمائر نقية من الغرض. كما لا يمكننا أن ننكر أن قلة من تلك الآراء فارغة لا تستحق الالتفات. حزبنا مع إقراره بمشروعية تفحص مثل تلك اللقاءات من حيث المكان والزمان والداعي والمدعو، يؤمن أن يكون موضوع اللقاء محل التركيز والاهتمام. كما أنه وإن كان مشروعاً أن تتفحص رؤية شخصٍ أو جماعة سياسية ما بالأمس أو اليوم، إلا أن من الأفضل أن تحكم علي تلك الجهة بما يبدر منها اليوم، وإلا صرت أسيراً للماضي وكأن الزمان مربوطٌ أمام منزلك بلا حراك. مع عدم استبعاد إمكانية أن ينحرف شخصٌ ما غداً عما يعلنه اليوم من آراء، إلا أن العيش أسيراً لمخاوف وتوهمات متوقعة تعطلك عن عمل اليوم ليس من الموضوعية ولا الأهلية العقلية والفكرية في شيء. إذا أردت التخلص من حالة الخوف الدائم من الغد عليك أن تحكم علي ما يصدر اليوم بظروف اليوم وأن تقيم ما يحدث غداً بموازين الغد. كما يجب أن لا تنسى أنك إذا أصبت بداء الشك الدائم في الآخرين، فتوقع أن يعاملك الناس بذات معاملتك فتكون أنت أيضاً محل شكهم الدائم. وفوق هذا وذاك يجب أن ندرك أننا جميعاً ومهما علت درجتنا سوف نمد غداً رقابنا لسيف المساءلة طائعين أو مكرهين. انخفاض درجتنا في المسئولية عن عمل اليوم لن يعفينا من عقاب الغد.

 

 

نحن في حزب الشعب الديمقراطي الارتري يأتي إسقاط طغمة الهقدف الحاكمة والانتقال السلمي للسلطة في مقدمة أولوياتنا. وفي مقدمة تطورات واحتمالات سقوط الهقدف يأتي تآكل قوات الهقدف النظامية والمدنية التي كانت تحفظ أمنه من أن يطوله طائل. وسواء كانت تلك التطورات والمحفزات لإسقاط النظام من صنع المعارضة أو من قناعة داخلية للقوى العسكرية والمدنية التي تغادر معسكر النظام فإن الفصل الحاسم في رواية سقوط النظام سوف يكون قيامنا نحن طلاب العدل والتغيير بخطوة إيجابية وجادة الي الأمام. وإذا قامت القوى المغادرة لصفوف النظام بتوسيع خطوتها ونسقت مع القوى والأطر الأخرى المتواجدة علي الساحة أو نظمت نفسها في إطار خاص بها كما فعلت منظمة مدرخ وشرعت في محاربة النظام التي كانت جزءاً منه، فإن ذلك يعني الكثير والكثير جداً ليس لتلك القوى فحسب، بل لمجمل معسكر المعارضة. لكن هذا يتوقف علي مدى الترحيب وجدية الاستيعاب الذي تبديه المعارضة القائمة تجاه تلك القوى، فإذا فشلت المعارضة في إبداء حسن النية والاستقبال للقوى الجديدة المنضمة الي معسكرها أو حلفها تكون كمن جاءه الناس لدفن أبيه فإذا به يدس المحافير كما تقول الأمثال الشعبية.

 

إن الساحة السياسية التي تضمنا نحن في المعارضة الأقدم عمراً مع القوى الجديدة المنضمة الي صفوف المعارضة القائمة ليست سوى مضمار نضالي يضمنا معاً في سلك معركتنا المشتركة ضد الدكتاتورية، وليست خيمة مقدسة يسمح فيها للبعض بالدخول ويحرم آخرون من دخولها علي أساس فرعي يستند الي أقدمية، ديانة، عمر، جنس (نوع) ...الخ. علي سبيل المثال هناك في صفوف المعارضة القائمة من يرون في دعوة مدرخ للقاء المعارضة الأخير في نيروبي خللاً سياسياً وفنياً كبيراً بحجة أن الداعي أو المبادر للقاء يجب أن يكون الأقدم لا الأحدث قدوماً للمعارضة، أو أن يترك الأمر والنهي للأقدم، أو لفلان أو علان من الأشخاص أو التنظيمات والأحزاب الأقدم تواجداً في سلك المعارضة. هذا خطأ معيق للسير الي الأمام. ليس عيباً أن تستخدم حقك في الامتناع عن تلبية الدعوة علي أن تحترم في ذات الوقت حق الآخرين في قبولها. ومن الصحيح والمباح أيضاً أن يعتبر نجاح مبادرة اللقاء في تحقيق نتائج إيجابية مكسباً لكل المشاركين لا يقتصر علي أصحاب الدعوة أو المبادرة فقط.

 

 

إن من يريد تقديم مساهمة بناءة في أي عملٍ كان، ليس بالضرورة أن يحطم ما سبقه من مداميك ليقيم بناءه علي أنقاض ما بناه غيره، لكن لا يخفى علينا أن يصادف كثيراً أن تأتي مبادرةُ بِــناءٍ جديدة تنطلق من القديم وتضيف الجديد فتنال إعجاب الجمهور المعنِــي وتتغلب علي المبادرة القديمة في ميدان مباراة حرة ونزيهة. ولأن الوجود السياسي قائم علي التنافس الدائم ومن الطبيعي أن تتمخض نتيجة التنافس عن غالب ومغلوب، كما لا يستبعد أن ينتهي المنافسة بالتعادل مكسباً أو خسارة، لكن تجربتنا مليئة بالمنافسات التي غالباً بالتعادل الخاسر بدلاً من التعادل الإيجابي الذي يحقق قدراً من القبول لكل أطراف المنافسة. في إحدى المناسبات لاحظنا أن هناك من يعد المشاركة في تلبية مبادرة تنظيم لقاء نيروبي هدفها هدم وتحطيم المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي. حزب الشعب الديمقراطي الارتري لأنه كان المشاركين في اللقاء حظي بقسطٍ وافر من تناول الغاضبين علي ذلك اللقاء. من وجهة نظرنا أن المجلس الوطني أو غيره من الأطر لا يقوم أو يسقط إلا بعوامل داخلية في المقام الأول. بالنسبة لغير الأعضاء في ائتلاف المجلس كحزبنا مثلاً لا يهمهم في قليل أو كثير أن يبقى المجلس قائماً أو أن يخر صريعاً، وما ذلك إلا لأن أمر سقوطه ليس في عداد مصالحنا التي تستحق تقديمها علي غيرها من الأولويات. وإن صادف – لا سمح الله – أن أسهم حزبنا بقليل أو كثير في عملية تقويض المجلس إياه فلن يكون ذلك ذا أثر حاسم علي المجلس لأن ذلك عامل خارجي لا دور له في الذهاب بالمجلس أو الإبقاء عليه. وإن كانت هناك من جهة تعرف أو يجب أن تعرف وتـُـسْأل عن شؤون المجلس وشجونه – موتاً أو حياةً – فهي الجهات المؤسسة والمكونة له، لا أحد غيرها. كما أن المجلس وبحكم الادعاء بأنه قائم بأمر الشعب ولأجل الشعب، فليس أقل من أن يعرض قادته أمره، خيراً أو شراً، علي الشعب.

 

 

مع كل ذلك الخلاف والتباين حول المظلة الجامعة لكيانات المعارضة لا زلنا في حزب الشعب الديمقراطي الارتري علي قناعتنا بأن تكوين مظلة وطنية فعالة لقوى المعارضة أمر حتمي وممكن مهما كانت التحديات والمعوقات. وانطلاقاً من قناعته هذه ومن قرار مؤتمره الثاني القائل: ( إن حزبنا قرر أن لا يدخر جهداً في المشاركة في المجهود الوطني الهادف لمحاربة ثقافة الإقصاء والريبة المعيقة لكل تطور إيجابي في بلادنا ) لذلك انطلاقاً من ذلك كله واستناداً اليه أتت مشاركتنا في لقاءي فرانكفورت ونيروبي. وسيظل ديدنه أن لا يتخلف عن ركب أي بادرة أمل وبصيص ضوء في نهاية أي نفق مظلم.                   

                                                                                            

Last modified on Monday, 22 February 2016 14:41