حل مشكلة هلاك آلاف المهاجرين مسئولية الجميع

2015-05-13 12:30:50 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 3539 times

في 2014م انتشلت 4000 جثة من عرض البحر، وأكثر من 170.000 مهاجر تمكنوا من العبور الي أوربا مجتازين مصاعب وتحديات لا وصف ولا حصر لها، هذا وقد أنقذ حوالي 150.180 شخصاً من هؤلاء ببرنامج (مارينو ستورم) لإنقاذ الأرواح، بيد أن الاتحاد الأوربي رأى أن هذا البرنامج يزيد من معدلات الهجرة ويضاعف من تحدياتها وعقابيلها ولا يوقفها فاستبدل برنامج الإنقاذ هذا ببرنامج تشديد حراسة الحدود (فرونتيكس)، كما قلصت ميزانية البرنامج الأخير الي ثلث ميزانية سلفه برنامج الإنقاذ. هذا وقد نتج عن ذلك هلاك أربعة آلاف ضحية خلال الأشهر الأربعة الأولى فقط من العام الحالي 2015م، بل تقدر بعض الجهات عدد الموتى بأكبر من هذا العدد بكثير.

إن تزايد الأخطار علي البشر من خلال اشتعال مناطق القرن الافريقي والشرق الأوسط وشمال افريقيا لا شك سوف يزيد من حجم الضحايا أكثر من ذي قبل. من الناحية العددية يأتي السوريون في المرتبة الأولى من هؤلاء المهاجرين ويليهم الارتريون. كما يشمل الضحايا في الصحاري والبحار أعداداً كبيرة من كلٍّ من العراقيين، الصوماليين، الاثيوبيين، السودانيين، النيجيريين وأعداد أخرى من جنسيات غرب افريقيا.

هل يستطيع البرنامجان الاوربيان (إنقاذ الأرواح وحماية الحدود) الحدّ من تزايد نسبة الهجرة الي اوربا؟ بالطبع لا، إن الحل الجذري لهذه المشكلة يكمن في اجتثاث جذورها والأسباب الدافعة اليها، ومن تلك الأسباب والجذور نذكر ما يلي:

أولاً: منبع هذه المشكلة يعود الي ما خلقته حكومات تلك البلاد في العهود الدكتاتورية من أزمات انسانية، سياسية، اقتصادية واجتماعية.

ثانياً: غزوات أمريكا وحلفائها لليبيا والعراق مثلاً بغرض إزالة أنظمتها الدكتاتورية خلف وضعاً إنسانياً مأساوياً وخلق فراغاً إدارياً أسلم البلاد الي فوضى عارمة وفراغ دستوري فظيع.

ثالثاً: تسبب أموال ما يسمى بمشاريع التنمية وإعادة التأهيل التي تقدمها المؤسسات المالية العالمية والاوربية في تشريد السكان عن بيئاتهم الطبيعية ومصادر إنتاجهم المألوفة.

رابعاً: تفاقم المشكلات الناجمة عن عدم إيجاد حلول عادلة وشاملة للصراع الاسرائيلي الفلسطيني.

خامساً: دول الاتحاد الاوربي لم تكن جادة في إيجاد حل لهذه المشكلة، ذلك أن تقليل تلك الدول من فرص دخولها بالطرق الشرعية وتشديد الحراسة علي حدودها المائية أدى الي ابتكار المهاجرين الطرق الطويلة والالتفافية عالية الخطورة للهجرة الي أوربا، هذا فضلاً عن تفاقم أزمة تجارة البشر واتساع رقعتها ومخاطرها وتزايد ضحاياها.

سادساً: غلق كلٍّ من السعودية واسرائيل حدودهما بالأسلاك الشائكة وإجبار المهاجرين اليهما علي العودة الي بلادهم أدى بدوره الي سلوك المهاجرين طريق البحر الأبيض الطويل والخطير الي اوربا.

سابعاً: ازدهار وانتشار تجارة البشر وتطور الإجرام المنظم وغير المنظم في هذا الحقل.

ثامناً: التوزيع غير العادل للثروة بين دول شمال العالم وجنوبه واتساع الهوة بين أحجام مواردهما.

حكومة ارتريا لم تنبس حتى اليوم ببنت شفة عن تلك المآسي التي يتعرض لها مواطنوها في شتى أنحاء العالم، ويوم اهتز العالم بأسره لمأساة لامبيدوزا لم يتجاوز حديث حكومة ارتريا عن المأساة سوى وصفها الضحايا بأنهم (مهاجرون أفارقة غير شرعيين). بل لم تبد حكومة ارتريا التعاون الجاد مع الجهات المعنية لدفن جثث مواطنيها بارتريا. كما لم تعلن ارتريا الحداد ولم تنكس أعلامها حزناً علي ضحايا البلاد في تلك المأساة.

أيضاً لم تتحدث ولم تأسف للضحايا الارتريين الثلاثمائة وخمسين الذين غرقوا قبالة السواحل الليبية ولا لمن راح من الارتريين ضحية العنف الإرهابي لتنظيم داعش بليبيا، لعلها بذلك تعلن عن تشفيها وشماتتها بهؤلاء الضحايا الأبرياء. بينما أعلنت جارتنا اثيوبيا عن حزنها العميق تجاه مواطنيها بتنكيس أعلامها والحداد مدة ثلاثة أيام، وشوهد الارتريون والاثيوبيون في جميع أنحاء العالم وهم يعلنون حزنهم وحدادهم علي ضحاياهم المشتركين.

أين تعهدات حكومة إسياس بمغازلته الغرب بأنه سوف يصون حقوق الانسان؟، إن النظام الذي خاصم بعناد جثث كلٍّ من نايزقي كفلو وضحايا لامبيدوزا لا نتوقع منه أن يحزن علي ضحايا ليبيا. إن النظام الذي لم يحترم كرامة وحقوق الموتى لأشد بخلاً باحترام كرامة وحقوق الأحياء.

أسباب الهجرة واللجوء تنقسم في رأينا الي ثلاث أقسام:

الأول: عامل الدفع (push factor) الذي يدفع المهاجرين الشباب قسراً الي الهجرة الي خارج بلادهم، وهو يتمثل في تلك الأوضاع الجحيمية الطاردة من البلاد طرداً.  

الثاني: عامل الجذب (pull factor) وهو توفر أسباب الرفاه والنعيم في الفردوس الغربي وكل ما يحلم به الشباب من تحسين أوضاعهم وفرصهم في حياةٍ أفضل بما لا يقارن مع الحال في بلادهم.

الثالث: نتج عن العاملين الاثنين السابقين عامل ثالث استغل العاملين أعلاه لمصلحته، ألا وهو شبكة مهربي وتجار البشر والمتعاونين معهم من أفراد فاسدين من أجهزة أمن وشرطة بلاد المنبع والطريق.

نظام إسياس لا يتحدث إلا عن العامل الثاني فقط، حيث يصف المهاجرين الارتريين الي اوربا بطلاب المصلحة الاقتصادية الشخصية وليس بالمهاجرين السياسيين الذين يستحقون فرص منحهم حق اللجوء السياسي، وإذا كان كل هؤلاء الذين ضاقوا بحياة الاعتقال والموت في المعتقلات ومعسكرات التدريب العسكري الدائمة فهربوا بجلودهم طلباً لحياةٍ سياسية واقتصادية أفضل، فماذا عمن يقضون حياتهم في السجون من رفاق نضال وصحفيين ووجهاء مجتمع ورجال دين؟ ألا يعتبر تصرف النظام ضد كل أولئك انتهاكاً لحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل وحتى الدينية؟

ليس من السهل إيجاد الحلول لمشكلات اللجوء المتراكمة والناتجة عن أحداث العنف الناجمة عن بؤر التوتر في العالم، إلا أن ما قدمناه من مقترحات للحلول والأسباب قد يكون نواة لحل دائم وناجع لتلك المشكلات، لذلك فالأمر هنا ليس بالذي يحل سريعاً، بل يتطلب حله وقتاً طويلاً وجهوداً متضافرة من كل فرقاء المشكلة.

أما مقترحات حزبنا، حزب الشعب الديمقراطي الارتري، لحل مشكلة اللاجئين والمهاجرين الارتريين علي وجه التحديد فهي كانت ولا زالت علي النحو التالي:

1-    لوضع الحد للعوامل الطاردة من البلاد علي المعارضة الارترية أن تعمل علي إسقاط النظام بأسرع ما يمكن.

2-    أن تشترط المساعدات الدولية والاقليمية التي تقدم لارتريا إجراء وتحقيق تحسن في أوضاع حقوق الانسان.

3-    علي المجتمع الانساني العالمي ومنظمات اللاجئين وحقوق الانسان أن تتحمل مسئوليتها تجاه اللاجئين الارتريين، فضلاً عن توفير التأهيل الأكاديمي والفني والرعاية الصحية للاجئين الارتريين المتواجدين باثيوبيا والسودان.

4-    توسيع فرص الدخول الشرعي لدول الغرب لأولئك اللاجئين عبر توسيع مواعين الاستيعاب والتوطين في بلد ثالث.

5-    مواصلة أعمال الانقاذ في البحر الأبيض مع توزيع الناجين في البلاد الاوربية بعدالة.

6-    العمل علي حل مشكلات دول افريقيا والشرق الأوسط المتأثرة بالأزمات السياسية والاقتصادية مع العمل علي نقل الارتريين فيها الي أماكن وبلدان أكثر أمناً.

7-    وضع وإنفاذ سياسات محاربة والحد من الفساد وجرائم الاتجار بالبشر والأعضاء البشرية.

تحقيق الأهداف السامية أعلاه لا شك يستدعي تكوين قوة عمل ارترية فاعلة تتولى المتابعة والتنفيذ بالتنسيق مع كل الجهات المعنية.

Last modified on Wednesday, 13 May 2015 14:33