معاناة الارتريين من صنع الهقدف
2015-11-07 19:42:38 Written by اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 2658 times
الانسان بطبعه عرضة للمصادفات والظروف السعيدة والمؤسفة، وما يتعرض له الانسان قد يكون من صنعه أو من صنع الظروف الطبيعية، والشعب المحظوظ هو ذلك الشعب الذي تتمتع بلاده بالسلامة من كل ما يعكر صفو الحياة فيها من ظروف ومصادفات سيئة أو مشئومة، طبيعيةً كانت أو من صنع الانسان.
لذا فإن ارتريا إذا قسنا أحوالها بما يلاقيه شعبها من ويلات ليس من المبالغة القول إنها واحدة من أتعس بلاد الأرض. فشعبها بسبب طغمة الهقدف الحاكمة محروم من كل متعة مادية أو معنوية، وقد هلك من شعبنا الألوف في حروب النظام الدكتاتوري العبثية ونفق من ثرواته وممتلكاته ما يصعب حصره، اللجوء والتشرد وتوابعهما أيضاً حدث بسبب الحالة الإدارية الخرقاء السائدة في البلاد، كذلك خلفت الحروب الفقر المدقع للبلاد، أما عن الهجرة والتشرد بسبب سياسات الدكتاتورية الغاشمة فحدث ولا حرج، وما يلاقيه المهاجرون في دروب الهجرة من مخاطر أصبح أحد ثوابت حياته اليومية.
وحتى ما يلاقيه المهاجر الارتري في مهجره لا يختلف كثيراً عما يلاقيه في الطريق من معاناة، أي ليست حياته هناك متعة ونعيم. والكثير من أخبار ذلك المهاجر في مهجره ليست سارة، إن ما يلاقيه شعبنا من ويلات الهقدف في المهجر أو بالداخل لا حصر لها، لقد صارت هويته الوطنية لعنةً في وجهه أينما اتجهت به الخطى. لقد تدهورت قيمة الارتري الي أرخص من جيفة كلب، إن المضار العائدة من تلك الويلات لم تعد تقتصر علي ضحاياها المباشرين فقط، بل تعدتهم الي الارتريين جميعاً وإن بدرجات متفاوتة.
لقد أصبح الارتري علي الأرض ضحية القتل رمياً بالرصاص وفي الصحاري والبحار بات لقمةً سائغة لسباع البر والبحر. كذلك هو بضاعة رائجة وصيد سمين وثمين عند تجار الأعضاء البشرية.
في الثامن عشر من اكتوبر 2015م لقي المهاجر الارتري الي اسرائيل الشاب/ هبتوم زرؤوم حتفه برصاص عسكر اسرائليين بحجج واهية. وحسبما نقلت كاميرات وسائل الاعلام العالمية فإن الأشد مضاضةً هو أنه بدلاً من إسعاف المصاب وإيصاله الي أقرب مركز صحي راح المدنيون يضربون ويركلون جثته حتى لفظ أنفاسه الأخيرة. وهذا يعكس بوضوح الحضيض الذي وصلت اليه القسوة واللامبالاة تجاه الانسان، لكن لا ننسى أن النظام الدكتاتوري في أسمرا شريك أساسي للاسرائيليين في جريمة مقتل ذلك الشاب الارتري البريء. لقد مات زرؤوم ورحل عن دنيانا واستراح جسداً وبقيت روحه تؤرق ضمائرنا نحن الأحياء وتؤلم أحاسيسنا.
ماذا نحن فاعلون إزاء تلك الحالات؟ هل نكتفي بتسيير تظاهرات الشجب والتنديد؟ وهل لدينا بديل ناجع لهذا الأسلوب التقليدي؟ إن الحل البديل هو التصدي الفعال والمجدي لسبب البلاء ألا وهو نظام الهقدف، وهذا لا يتم إلا بالاتحاد ضده، علي أن يتم ذلك اليوم وليس غداً. علماً أننا كلما ظللنا واقفين حيث نحن الآن فلن ننجز شيئاً مما نحلم به، بل وسيتعرض شعبنا ووطننا الي الضياع، والتاريخ لن يرحمنا إذا جلسنا نتفرج علي آلامنا ومعاناتنا بلا مبادرات جادة للحل.
ما حدث لذلك الشاب الارتري في اسرائيل يكاد يكون علامة مميزة لنا نحن الارتريين، لذلك يجب أن نعلم أنه قد يصيبنا ما أصاب ذلك الشاب يوماً ما فلنجعل من حزنه حزننا ومن ألمه ألمنا، بل ومن قبيلته، اقليمه، دينه، لغته، قبيلتنا، اقليمنا، ديننا، لغتنا. وكل نظرة دون ذلك ستقعد بنا عن كل مكرمة، وستلاحقنا آثارها السالبة أينما وكيفما كنا. وكلما انقسمنا وتعددت نظرتنا لمآسينا فالمستفيد الوحيد من تفرقنا هو نظام الهقدف، ونحن لا نقصد بالنظرة الوطنية العامة للضحايا تجاهل مسقط رأس الضحية أو أي هوية فرعية له، بل لأننا لا ننسى أننا جميعاً شركاء مع الضحية في الثمن المدفوع من خسارة بشرية ومادية وتبعات لاحقة. ذلك أن سعادة قطاعٍ ما دون الآخرين لن تتحقق بمعزل عن سعادة الجميع، لذا ما لم نوحد نظرتنا لمعاناتنا لن نوحد أداة نضالنا لإنهاء هذه المعاناة.
الحل قريب وفي متناول اليد، إنه إزالة هذا النظام البغيض وإبداله بنظام ديمقراطي يعكس ويمثل تنوع كل مكونات الشعب وأقاليم البلاد.
ختاماً يجب أن لا نستخف بمقتل ذلك الارتري علي يد الإسرائيليين، بل نتوحد أمام قضيته ونطالب بتعويض أسرته ومجتمعه مادياً ومعنوياً. هذا ولذوي المتوفى منا كل الأمنيات بالصبر والسلوان وللفقيد الرحمة والغفران.