سياسة الاعتقال مرآة تعكس الوجه الحقيقي لطغمة الهقدف
2015-09-29 17:19:05 Written by اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 2719 timesفي كتاباتنا أو أحاديثنا عن طغمة الهقدف الدكتاتورية التي أبكت شعبنا دماً وألعقته صديداً، قد ينحو كلٌّ منا نحواً ما حول ذلك، لكننا مهما اختلفنا نتفق ولا نختلف حول إجرامية وقسوة هذا النظام ومعاداته للشعب. لننظر الي مقال الكاتب الصحفي الارتري الأستاذ/ أمانئيل سهلي المنشور مؤخراً تحت عنوان ( ارتريا: ظاهرة حكومية فريدة!! ) الذي تساءل مستغرباً استمرار وبقاء هذا النظام وهو الذي: ( ليست له ميزانية معروفة، ولا يعرف استخدام نظامٍ إداريٍّ علميّ، ولا يملك جيشاً نظامياً ولم يؤسس نظاماً عسكرياً مستقراً، اضطراب سياساته الداخلية والخارجية، لا يملك تعاملاً مصرفياً مألوفاً وثابتاً، الشعب في ظل هذا النظام يتدفق مهاجراً الي الخارج صباح مساء، لم يجز الدستور الذي وضعه بنفسه، له مجلس وزراء صوري، لا يملك جامعةً معترف بها عالمياً، قام بعسكرة الشعب كله، لا يسمح بوجود مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني، لا يملك طاقماً دبلوماسياً مؤهلاً، دائم الشجار مع هيئة الأمم المتحدة )، ويضيف سهلي: ( إذاً ماذا يمكن أن نطلق علي هذا الذي لا يقيم وزناً للعدل والقانون، ولا يستمع الي رأي مخالفيه ممن يحذرونه من مغبة التمادي في غيه وخطورة ذلك علي الوطن برمته؟؟)، أليس من المعقول أن تصفه بالدكتاتورية والجنون أكثر من أن تصفه بالعقل والتمييز؟؟؟.
الاعتقال الجماعي واحد من مميزات تلك الطغمة المعادية للشعب، فبعد الاعتقال لا يقدم المعتقل للقضاء، كما لا يعطى المعتقل الحق في الدفاع عن نفسه، لا يعطي أقارب السجين الحق في معرفة موقع الاعتقال، مما يضع سياسة اعتقال واضطهاد هذا النظام سياسةً فريدةً في نوعها، وبذلك ساهم النظام في إطلاق اسم (السجن الأكبر) علي بلادنا. ونسبةً لإجماع مواطنينا علي إدانة هذا السلوك غير العادل من النظام فإن من رفعوا أصواتهم من كبار المسئولين الارتريين معترضين علي تلك السياسة (سجناء الثامن عشر من سبتمبر 2001م) قد وجدوا التكريم والاحتفاء بذكرى اعتقالهم أينما وجد الارتريون. ومثل هذه الجهود الوطنية وقرينتها الأجنبية يجب أن تتواصل لترسيخ قيم العدل والقانون في بلادنا ارتريا. أيضاً يجب ألا تقتصر جهود المحتفلين بتذكــُّـــر المعتقلين وسرد قصة اعتقالهم فقط، بل يجب أن تشمل أيضاً كيفية التخلص من سدنة الاعتقال، أي النظام وزبانيته، علماً أن مثل هذه الجهود والنشاطات الانسانية أصبحت شأناً عالمياً يجد النشر والتعاطف، ومن ذلك ما تمخض إثر نشر تقرير مجلس حقوق الانسان الدولي عن تلك الحقوق في ارتريا من تظاهرة جنيف الضخمة وغيرها.
بالتأكيد وإن كانت عملية الثامن عشر من سبتمبر 2001م هي الأشهر في تاريخ مسلسل الاعتقالات بعد التحرير إلا أننا نعلم جيداً أن تاريخ الاعتقالات بدأ أبدر من ذلك بكثير، فقد حدث قبل وبعد تلك العملية التي شملت كبار المسئولين والصحفيين الكثير من الاعتقالات التي يصعب حصرها مكاناً وزماناً وعدداً، لذلك كل من له معلومات عن أولئك المعتقلين المجهولين أن ينشر تلك المعلومات بشتى الوسائل وأن تشتمل خطابات الذكر والتكريم أسماءهم وكل شيء ممكن للتعريف بهم، وعلي سبيل المثال لا الحصر يمكننا ذكر المناضلين/ ولد ماريام بهلبي وتخلي برهان قبر طادق (ودي باشاي).
أيضاً يمكننا أن نوسع من عملية نشر هذه القضية وإدانتها علي المستوى العالمي وذلك بدءاً بأنفسنا وتنظيماتنا وأحزابنا السياسية والأصدقاء الأجانب. علي أن نتجاوز عملية النشر والاحتفال السنوي بذكرى معتقلينا يجب أن نبحث أيضاً عما يمكننا يوماً ما من إقامة ليالي الأنس والذكريات من المعتقلين أنفسهم في الساحات العامة في بلادهم ارتريا. إن قضية العدل في بلدٍ ما لا تقف عند حدود زمانية أو مكانية بل هي عملية نضالية مستمرة من أجل السعي نحو الأجود. لقد أورد حزب الشعب الديمقراطي الارتري في قرارات مؤتمره الثاني عن قضية معتقلي الرأي والضمير ما يلي: ( نناشد المجتمع الدولي عموماً والجهات المعنية بحقوق الانسان خصوصاً بممارسة الضغوط المكثفة علي نظام الهقدف لكي يطلق سراح سجناء الرأي والضمير دون إبطاء ).
تبريراً لما يرتكبه النظام من جرائم الاعتقال أو الإعدام كثيراً ما يسبق ذلك ترويج بعض القصص من نسج خياله المريض يغتال بها الشخص أو الأشخاص المعنيين معنوياً ويغطي بها في ذات الوقت طبيعته الدكتاتورية الإجرامية. وبذلك يصرف أنظار الجماهير عن عدوها الحقيقي الذي هو الدكتاتور نفسه الي عدو متخيل ومفترض غير مثير لاهتمام الشعب. ولكي يشد أنظار الشعب بعيداً عن جرائمه بالداخل كان يفتعل المعارك والحروب مع دول المنطقة كالسودان، اثيوبيا واليمن. مرور الأيام والسنين يكشف الحقائق لكل من تعامى وتصامم عنها. بعض أذناب النظام أحياناً يبررون جرائمه وسياساته الإجرامية بمزاعم من قبيل (أن الرجل (الدكتاتور) يواجه تكالب الأعداء علي البلاد وأنه مشغول كل هذه السنين ببرنامج استراتيجي طموح هو تحقيق اكتفاء بلادنا ذاتياً من الغذاء و...و...الخ). يا له من تعبير منمق (تحقيق اكتفاء بلادنا ذاتياً من الغذاء)، لقد تعود النظام أن يطلق الأوصاف الكاذبة علي معارضيه الذين طالبوه بكل ما يحقق شعار الاكتفاء الذاتي كالديمقراطية، التنمية الاقتصادية، صون الحقوق وتبادل الاحترام والتعايش السلمي. لقد وصفهم آنذاك بالعمالة (للغرب ونظام الوياني)، وها هو اليوم يصف الشبان الذين تدفقوا مهاجرين من جحيمه بالمأخوذين ببريق الغرب. عموماً لنتفق علي أن الاعتقال أحد أوجه ممارسات النظام المعادية للشعب وإبطال هذا العبث يتطلب إرادة شعبية جادة للتخلص من النظام الذي هو السبب الأساس في جعل ارتريا سجناً كبيراً طوال الفترة المنصرمة من تحريرها وحتى الآن.
جرائم النظام بحقنا تتطلب التماسك والتآزر ولن يطول أمدها إذا توحدنا في مواجهتها.