الالتفاف حول القضايا الكبرى بالقضايا الفرعية

2016-08-22 20:14:14 Written by  بقلم/ آرون ناؤود Published in المقالات العربية Read 3458 times

بغض النظر عن حجمها وفعاليتها تتواصل الضغوط الخارجية والداخلية علي نظام الهقدف الدكتاتوري، وبقدر ما تتصاعد وتيرة تلك الضغوط كلما ارتفعت درجة حرارة قلق النظام وارتجفت أوصاله، وهنا بالطبع لابد له من البحث عن مخبأ يلجأ اليه، لكن مخبأه لن يكون إلا مهدئاً محدود الفعالية والمدة وليس من نوع القضايا الكبرى التي يتحتم عليه التصدي لها. وذلك لأنه يعلم تماماً أن كل معالجة جذرية لما يواجهه من قضايا سوف تجتثه هو الآخر من جذوره.

 

لقد شهدت الأشهر القليلة الماضية انتزاع قضية حقوق الانسان من أيدي ومخالب النظام ووضعها علي موائد ومنابر نقاش عالمية، وكالعادة حاول النظام الالتفاف علي استحقاقات المرحلة بالادعاءات الكاذبة بالالتزام بتلك الاستحقاقات. ومن تلك الادعاءات (التعهد بتحسين وضع حقوق الانسان، السماح بزيارة السجناء السياسيين، تحديد مدة الخدمة العسكرية الإلزامية، انعقاد اجتماعات دولية بأسمرا، وقوف النظام الي جانب الحلف العربي الذي يقاتل في اليمن، طلب بطريرك الكنيسة المعتقل منذ عشر سنوات العفو من السلطات، بعثت وفداً للصين ...الخ). وهي كما هو واضح ادعاءات يحسـِّـن بها وجهه القبيح في الخارج ولا علاقة لها بالواقع في الداخل، ولهذا أسمينا ذلك بالالتواءات والقضايا الفرعية، إننا نعلم أن النظام ليس مستعداً حتى لإنفاذ ما تعهد به من قضايا فرعية، وإن فعل ذلك فسيتخذه ملاذات مؤقتة لنظامه. وها هو قبل أن يجف مداد تعهداته وادعاءاته الكاذبة يلمـِّــح عن طريق عملائه ممن كانوا يظهرون التطرف في معاداته ويبطنون العكس، يلمـِّــح هؤلاء بأن المعارضة ليست البديل الأفضل للنظام لذلك عليها أن تتماهى معه.

 

يا ترى إن لم نكن نستطيع أن نشكل البديل الأفضل ألا يجدر بنا أن نتوحد لنكون أهلاً لخلق البديل الأفضل بدلاً من أن نحزم جميعاً أمتعتنا لنشد الرحال الي قصر النظام ونركع أمامه. المطلوب إذاً هو السعي لصنع قوى التغيير الحقيقية لا التفكير في شطبها من الوجود ورفد النظام بحطامها وبقايا طاقتها المشتركة.

 

كما لا يجهله الكثيرون أن الهقدف لم يعد قادراً علي تحقيق أي قدرٍ من رغبات ومطالب الشعب الارتري، لذا يجب أن نقول كفى لهذا النظام اضطهاداً للشعب لا أن نطالب بالمزيد من جلوسه فوق رقابنا. لا خير نتوقعه ممن يعلن عداءه لنا صباح مساء، شعبنا يدرك ذلك جيداً، كما لم يعد للنظام مكانته السابقة في قلوب الشعب. إن النظام اليوم يعلم تماماً أنه لن يفيده أن يقنع الشعب بنهجه بقدر ما يفيده أن يعمل علي قمعه وتهديده وتشتيت قواه، وهذا عين ما يفعله الآن.

قوى أجنبية غير عليمة بالشؤون الارترية قد تتساءل: ( ما خطب الشعب الارتري؟ ما ينقصه أو ينغص حياته؟؟؟). لكن الشعب الارتري ليس ممن يسألون مثل هذا السؤال التقليدي غير المدرك للواقع الحالي بالذات. شعب ارتريا بدون مواربة يريد نظام حكم دستوري ديمقراطي مستدام يلبي كافة متطلباته. ما يمارسه النظام اليوم خير شاهد علي سوء إدارته البلاد في الماضي والحاضر، وما نراه من ممارساته هذه ليس في مصلحة الشعب بل ضدها تماماً. أيضاً يحاول النظام الاختباء وراء حجة أن الحال في ارتريا علي أقل تقدير أفضل مما يجري حولنا في المنطقة، لكن شعب ارتريا قد وصل منذ وقتٍ مبكر الي أنه لا يوجد أسوأ من حال ارتريا علي يد هذا النظام سواء في الماضي والحاضر. نقول لمن يريد منا النظر الي من دوننا في السوء، ولماذا لا يحق لنا أن ننظر الي من هم أفضل منا؟ أم أننا لا نستحق ذلك؟؟؟!!! 

Last modified on Monday, 22 August 2016 22:18