حكم الهقدف علي الشعب تنفيذ مع وقف الإعلان
2016-02-01 22:42:57 Written by اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 2502 timesالكل يعلم ويرى ويسمع الأحكام والممارسات القمعية التي ينفذها نظام الهقدف الدكتاتوري علي الشعب الارتري المغلوب علي أمره والسجين في عقر داره، وبما أن الألم المستمر يجبرك علي الشكوى المستمرة تجد نفسك مضطراً الي إسماع الناس المزيد من الآهات والنواح والأنين. نجد الهقدف اليوم بعد كل ما ظل يرتكبه بحق الشعب صباح مساء، يطالب ضحاياه أن يقولوا إنهم الجناة لا الضحايا، إذ يطالب من نجوا من مصيدته بجلدهم أن يلبسوه ثوب البراءة من دمائهم التي سالت في المعارك العبثية، المعتقلات التعسفية، في مرمي القناصة، وما فاضت به الصحاري والبحار والمحيطات من جثامينه، يريد منهم أن يمسحوا عن وجهه القميء ما لوَّث به نفسه من جرائم وثقتها الجهات الحقوقية والانسانية الدولية، باختصار أن يدينوا أنفسهم بسحب شهاداتهم ضده وأنه بالنسبة لهم غير مذنب وأن وجودهم هنا بمحض إرادتهم ولشؤونهم وشجونهم الخاصة ولا دخل في الأمر لاضطهاد سياسي، اجتماعي، اقتصادي ...الخ. يا للعجب، وهل تنجيه الإدانة بالفقر واضطرار المواطنين الي إخلاء البلاد من سكانها والشباب بالذات من تحمل المسئولية وتجيز له التربع علي عرش السلطة دون مساءلة عن أسباب الفقر المدقع الذي دفع الشباب الي الموت دون الهجرة والفرار وموجات (الهروب الكبير)؟؟!! وإذا افترضنا جدلاً صحة مقولة النظام أن سبب هجرة الشباب اقتصادي (أي بحثاً عن ظروف اقتصادية ومعيشية أفضل)، فهل يعني ذلك أن ليس في المسألة جانب سياسي معضـِّـد للسبب الاقتصادي بل وسبب مباشر له؟؟؟
إن الالتفاف حول القضايا الداخلية والهروب منها الي الأمام باصطناع مشاكل وقضايا خارجية عوضاً عن معالجتها ومواجهتها بشجاعة وشفافية، إن ذلك الأسلوب التحايلي ظل ديدن هذه الطغمة علي مر العصور ولم يكن وليد اليوم. إن ما ينشره النظام من حين الي آخر من إعلانات براقة ودراما تلفزيونية عن نيته الانتقال الي الديمقراطية أو العمل بالدستور المجمد وتحسين أوضاع حقوق الانسان ليس استجابة عطوفة منه لمطالب الشعب، بل استباق لخطر سيل خارجي قادم قد يجرفه في من يجرفه من الأنظمة المشابهة له قولاً وفعلاً. وإذا كانت مشكلة المطالب هذه نابعةً من الشعب فإنه علي العكس يهرب منها للأمام باختلاق أخطار خارجية قادمة. ذلك أن كل حروبه العبثية مع دول المنطقة والجوار (السودان، اليمن، اثيوبيا، جيبوتي) وتدخلاته السافرة في صميم شؤون الصومال لم يكن لدفع خطر خارجي ملموس، بل هروباً من قضايا ومطالب داخلية حان قطافها. ونفس الشيء ينطبق علي مغامراته الحالية بالدخول في أحلاف جديدة والخروج من أخرى والتشدُّق بمحاربة داعش وغيرها من قوى الإرهاب. هذا ولما كانت البلاد وشعبها هما الخاسر الأكبر من مغامراته غير المحسوبة النتائج، لم يكن النظام يكترث بشيء إلا ببقائه علي كرسي السلطة. قد توفر تلك الحيل والمغارات التي يلوذ بها النظام من حين لآخر ملاذاً مؤقتاً، وما يرمي به امريكا والغرب عموماً وما يسميه بنظام الوياني من التآمر علي البلاد يصب في ذات الوادي، وادي الهروب من الداخل الي الخارج والتمترس وراء أشباح مشكلات وتخرّصات اختلاق. أما مأساة شعبنا وقضاياه الدائمة فلا تزال قائمةً بلا حل.
تغاضـِـي النظام عن ترسانة جرائمه بحق الشعب وتناسيه ما مارسه وما يزال يمارسه من عدم اكتراث لمصالح الشعب ومطالبته بتوقيع ضحاياه علي صكوك براءته بل وإجباره إياهم علي الكذب من أجل سواد عيون النظام وإلباسه جلد حملٍ وديع، إن دلَّ علي شيء فإنما يدل علي مدى استخفاف هذا النظام البالغ بضحاياه من الشعب البريء وجرأته علي الحق والحقيقة. إن ما يمارس بحق هذا الشعب المعطاء يتجاوز الاستخفاف الي الجريمة.
ألم تكن سياساته هي التي تسببت فيما يسميه بالهجرة ذات الأسباب الاقتصادية، ألم يكن مشروع السخرة والعبودية المسمى زوراً ببرنامج الخدمة العسكرية الإلزامية هو الذي استعبد الشباب الارتري ذكوراً وإناثاً وأضاع حاضرهم ومستقبلهم بحرمانهم من كل الحقوق السياسية، الدينية، الاقتصادية، الاجتماعية، وعرَّض جميع المواطنين للجوع والفاقة؟؟؟ أليست الطبيعة القمعية الإقصائية لهذا النظام هي التي أفرزت تلك الظروف الاقتصادية السيئة التي أجبرت الشباب علي التدفق مهاجرين، وأجاعت وأفقرت من تبقى بالبلاد؟ وهل الشهادة بسوء الأحوال الاقتصادية تعفي النظام من السؤال عن أسبابها السياسية؟ إنها سياسة التخبط البليد في البحث عن مخابئ جديدة تحتمي بها الطغمة. إذاً الأسباب السياسية والاقتصادية متداخلة في أزمة الهقدف، فأيها اختار أدانه الخيار.
تظل ممارسات الطغمة تذيق الشعب بالداخل ألوان العذاب، فإذا فاض الكيل بالشعب صوَّبت غضبة الشعب الي دول الجوار، ذلك أن من يذيق شعبه الحنظل لن يطعم جاره الحلوَى. علماً أن النظام الذي يتكفف الارتريين بالخارج سرعان ما يبيعهم في أقرب مزاد إذا رأى أن ذلك يخدمه، أو أنه يقيه شراً قادماً نحوه، وها هو بالفعل يضطر الي بلع لسانه بادعاء مواطنة من خوَّنهم ونفى مواطنتهم لأنه يحتاج الي وقوفهم معه ضد الحملة الدولية عليه والتي لم يجرها عليه المواطنون بل جرَّتها اليه أفاعيله بمواطنيه.
للأمر أيضاً وجه آخر، إنه التستر الاقتصادي علي العيب السياسي لاستغلال الحاجة الاقتصادية في التسول السياسي. وبالفعل حصل بذلك التسول السياسي علي صدقة اقتصادية قدرها 200 مليون يورو عبارة عن دعم الاتحاد الاوربي للتنمية في ارتريا. ومن يمنحونه مجاملةً واتقاء شره لا تنطلى عليهم حيل الهقدف، فهم بذلك يستفيدون من حيل النظام في تبرير التملص عن مسئوليتهم الانسانية تجاه اللاجئين الارتريين. ونحن علي يقين من أن أية دولة أو منظمة مانحة لا تمنح أموالها لوجه الله بل لمصلحتها وما تجنيه من فوائد مادية أو معنوية من وراء ذلك. هناك علاقات مصالح متبادلة بين المانح والممنوح يستغلها الممنوح بالذات في اتجاهات عديدة. لذا لا نتوقع من الجهات المانحة أن تقدم مصالح اللاجئين الارتريين الانسانية علي مصالحها وأجندتها الوطنية.
اليوم أيضاً كما في السابق فإن مسئولية انتشال شعبنا مما هو فيه ليست مسئولية المانحين واللاعبين الآخرين، إنها مسئوليتنا نحن الارتريين. لذلك مهما استدرَّ النظام عاطفتنا ودغدغ مشاعرنا الوطنية يجب أن لا ننسى جرائمه بحق شعبنا ونتورط في الشهادة لصالحه زوراً والتوقيع علي صكوك براءته من تلك الجرائم ودفع ضريبة ال 2% له وتعزيز مواقفه المهزوزة وملء خزينته الفارغة. إن فعلـْــنا ذلك فإننا لن نجد من الهقادفة إلا الصـَّـغار والاستحقار. يجب أن نعلم أن الشعب هو المحتاج الي عطفنا وتخليصه من قبضة النظام، يجب أن ننقذ شعبنا وبلادنا بكل الوسائل الفعالة والممكنة لا أن نتداعى الي إنقاذ النظام عدو الشعب الذي يذرف دموع التماسيح علي ضياع الوطن. كما أنه مادامت الدكتاتورية تجثو علي صدر الوطن فلا أمان لنا ولا ظروف تساعدنا علي تأسيس حياة اجتماعية وأسرية مستقرة. إن همومنا تجاه الوطن والشعب بالداخل يجب أن تتجاوز مجرد العاطفة الوقتية العابرة الي التفكير في الخلاص النهائي من براثن النظام. أي يجب أن لا يقتصر همنا علي كيف نزور الوطن للتعازي في الأتراح أو التهاني في الأفراح فقط. إن بيتاً نبنيه في وطن غير آمن ومستقر لن يقينا الحر والبرد. إن موقف شباب الكنيسة الأرثوذكسية بالسودان الرافض للخضوع لمطلب التوقيع علي تبرئة النظام وتجميل وجهه القبيح، ذلك الموقف الشجاع الذي تحدَّى نفوذ الهقدف القوي بالجارة السودان يجب أن يكون الموقف الوطني الجدير بالاقتداء والتضامن.