في وداع عامٍ واستقبال آخر

2016-01-12 12:57:05 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 2442 times

الوقت ثوانٍ ودقائق وساعات، ثم أيام فشهور فأعوام، والأخيرة بالذات مقياس للزمن يمكـِّــننا من تقييم ما مضى واستقراء ما هو آت، فحتى أعمارنا وحدة قياسها العام، كذلك تتخذ الكيانات السياسية العام مقياساً لخطط عملها والتقييم الدوري لخططها حقبةً وراء حقبة عبر المؤتمرات أو الاجتماعات الدورية مثلاً. العام الجديد عادةً ما يكون محطة الأمنيات والأحلام بتحقيق ما لم نحققه في العام المنصرم. لذا كان من عاداتنا الاجتماعية أن نتبادل التهاني والأمنيات القلبية السعيدة عند نهاية أو بداية كل عام. أي أن العام الجديد محطة للانطلاق والتجديد.

 

 

العام الجديد يعني خطة عمل جديدة، ومن ثم التعهد بتنفيذ الخطة، الخطة الجديدة بالطبع رابط متين بين العام المنقضي والعام القادم. فعندما نخطط للعام 2016م لا نخطط بمعزل عن تأثيرات وآثار العامين 2015 و 2017م. فالعام 2016م ينفذ ما تبقى من خطة 2015م ويحيل ما تبقى من خطته الي 2017م. إن مدة عام كامل قد لا تكفي أحياناً لتنفيذ ما وضع لها من خطط، لذلك لابد من التدقيق في تقييم ما أنجز وما لم ينجز.

 

جراء سياسات وممارسات الهقدف عانى شعبنا خلال العام المنصرم كثيراً في شتى المجالات، فالبلاد تعيش بلا دستور ولا قانون، وتأتي في المرتبة الثالثة في العالم بعد سوريا وأفغانستان من حيث تدفـُّــق اللاجئين منها، ومع ذلك لم يعترف النظام بهذا الواقع البائس بل حاول التزييف بادعاء ما ليس له وما لم يعرف اليه يوماً سبيلاً. لكن علي العكس مما حاوله النظام من التستر علي عيوبه شهد العام الماضي إعلان أكبر فضائح النظام السياسية والحقوقية متمثلةً في تقرير لجنة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان عن حال حقوق الانسان في ارتريا الذي حوي ما يقارب 500 صفحة تتضمن شهادات مُـدِينة للنظام بانتهاكات فظيعة ومفزعة لحقوق الانسان. وقد تعهد الارتريون المحبون للديمقراطية والتغيير بمواصلة نضالهم حتى يستأصلوا النظام القمعي المعادي لحقوق الانسان.

 

أما معسكر المعارضة فقد اعترف صادقاً بقصوره عن بلوغ قامة تطلعات الجماهير، فعلي الرغم مما شهدته نهايات العام المنصرم من لقاءي فرانكفورت ونيروبي التفاكريـَّــين لم تحقق المعارضة ما تصبو اليه من المظلة الوطنية الجامعة لمكوناتها. لكن علي المستوى التنظيمي والحزبي الفردي شهد العام الكثير من النشاطات كالندوات والمهرجانات والمؤتمرات. أيضاً لم يسجل العام المنصرم تخلص المعارضة من أهم عيوبها وأبرزها: عدم الاحترام المتبادل، غياب روح التحمل والاعتراف بالآخر، عدم الثقة بالنفس، الهروب من تقييم أخطاء الذات الي إحصاء الأخطاء علي الآخرين، عدم الإقرار العملي بانعدام إمكانية الانتصار بمعزل عن التعاون مع الآخرين و...و...الخ، بل نجد أن بعض تلك العيوب والنواقص قد ازداد كماً واستعاراً. علي أننا لم نأت هنا بما تقدم من العيوب للتثبيط بل للتذكير، فنحن نثمن ونقدر كل خطوة إيجابية تخطوها المعارضة الي الأمام.

 

عَــقـْــدُ مؤتمره الحزبي العام كان مما أنجزه حزب الشعب الديمقراطي الارتري من خطط العام المنصرم، وقد قيم المؤتمر الأوضاع علي كافة الأصعدة والمستويات واتخذ ما يناسب ذلك من القرارات والسياسات الموضوعية الحاسمة لمعالجة كل أنواع الخلل والقصور. بل قام الحزب علي الفور بتحديد وتعيين الوسائل والمعينات الكفيلة بتنفيذ ذلك. وقد شهد الثلث الأخير من العام المنقضي نشاطاً تنفيذياً مكثفاً لتلك القرارات والسياسات. لذا كان العام المنصرم عام إنجازات حزبية، وطنية، اقليمية ودولية هامة للحزب. لكن من ناحية أخرى يجب الاعتراف بأننا لم نحقق ما كنا نصبو اليه من التنسيق أو الوحدة مع من نتفق معهم في المبدأ والهدف، خاصةً في الأعمال والأهداف التي لا يمكن تحقيقها إلا بعمل أو جهد مشترك، بيد أن نضالنا ومسعانا لتحقيق ذلك قائم.

 

علي كلٍّ فإن ما قصرنا بشأنه من خطط العام الماضي يجب أن يكون محل عطفنا واهتمامنا في العام الجديد، يجب أن يكون دَيــْــدَننا الاعتراف بالخطأ والنقد الذاتي. علينا الاستفادة من دروس العام الفائت، وصحيح قد يستغرق منا الندم علي ما فات من أخطائنا بعض الوقت، إلا أن همنا الرئيس يجب أن يكون التركيز علي ما بأيدينا من فرص مستقبلية تبدأ ببداية هذا العام. لنجعل من عامنا (2016م ) الذي نستقبله محطة لتقييم ما مضى من أخطائنا وعيوبنا ووضع المعالجات الملائمة لها. علي أن يكون العام القادم (2017م ) أيضاً موضع أمنياتنا بإنجاز الحلول لمشاكلنا وتجاوزها، أو علي أقل تقدير وضع خارطة طريق شُجاعة لحلها وتجاوزها، علي أن لا تكون الشَّجاعة مجرد شعار مرفوع بل يجب أن تكون ذات قيمة عملية، علينا التخلص من فوضى حقبة الثورة والشعاراتية، فنحدد العمل وموعد إنجازه، لا أن نترك الحبل علي الغارب. ذلك أن تحديد الموعد أو المدى الزمني لإنجاز عملٍ ما يساعدنا علي تحديد ما نريد القيام به وما أنجز منه وما لم ينجز بعد، والسبب الذي حال دون إنجاز ما لم يتم إنجازه.

 

في رأي حزبنا عند حلول كل عام جديد تقف أمام قوى المعارضة مهمة مزدوجة، فالشق الأول من هذه المهمة هو تنظيمي، حزبي داخلي يحتاج الي التقييم، أما الشق الثاني فمتعلق بإسهامك في بناء المظلة الوطنية الجامعة للمعارضة. إنها مهمة واحدة من شقين إذ ليس بالإمكان الفراغ من إنجاز إحداهما ثم التفرُّغ للأخرى، إنهما مهمتان مترابطتان لا يمكن إنجاز إحداهما بمعزل عن الأخرى. إنهما مهمتان متكاملتان تسيران معاً حسب أولويات كل مرحلة علي حدة. إن أي إنجاز علي المستوى التنظيمي أو الحزبي هو إنجاز يصب في مصلحة بناء المظلة الوطنية الجامعة. والعكس أيضاً صحيح، فكل ما يتحقق من إنجاز مظلي جماعي مفيد لكل قوة سياسية مستظلة بتلك المظلة. هذا بالطبع يستدعي التحرر من النظرة والروح التنظيمية الذاتية الضيقة. كما أن المظلة الجامعة لا تكون قوية إلا إذا كانت مكوناتها قويةً وفعالة. المظلة أيضاً موقع للإسهام في العمل العام وليس مغارة لدفن نفايات قصورنا التنظيمي أو الحزبي الداخلي. يجب أن نتخذ كل ما تقدم مهمتنا للعام 2016م واجبة التنفيذ. وكل تقصير أو تفريط في إنجاز هذه المهمة ليس فقط مضراً بخططنا للنجاح والإنجاز بل يمثل خطراً حتى علي وجودنا.

 

هذا وكل عام وأنتم بخير

وعيد ميلاد سعيد

Last modified on Tuesday, 12 January 2016 14:01