المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

2015-06-27 17:42:46 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP Editorial Read 4408 times

بعد سلسلة من النضالات للتحرر من أسر الحقب الاستعمارية الأجنبية المتتالية، نقل شعبنا في 1961م نضاله الي الطور المسلح، ونسبةً للهلع الذي أثارته الثورة الارترية المسلحة لدى المحتلين الاثيوبيين حاول نظاما اثيوبيا الاستعماريان – هيلي سلاسي ومنقستو – استئصال وتجفيف منبع الثورة فأباد جماعياً البشر والحجر والثروات الحيوانية والنباتية. لكن الشعب الارتري اكتسب من ذلك المزيد من الصمود والإصرار ولم يتراجع عن مشروعه النضالي التحرري. وبالفعل وبعد ثلاثين عاماً من النضال المرير والعنيف حقق الشعب الارتري حلمه التحرري كاملاً.

وخلال مسيرته النضالية الطويلة كان شعبنا يسجل كل يوم عدداً من الشهداء والتضحيات في سجلات المجد، لكن لا شك هناك أيام شكلت علامات بارزة في مسيرة التضحية والاستشهاد مثل سبدرات، وكي دبا، حرقيقو، قلب، أغردات وشـِـعـِـب. أما عن شهداء ومختطفي المدن المجهولين مثل العاصمة اسمرا وغيرها من المدن فحدث ولا حرج. وعندما نتحدث عن الشهداء والتضحيات بالطبع لا نعني بذلك الشهداء حاملي السلاح أو السياسيين المؤطرين سياسياً في أطر تنظيمات الثورة المسلحة، بل نعني كل من ضحى بماله أو نفسه في سبيل بلاده بأي صورة من الصور وتحت أي راية من الرايات السياسية أو التنظيمية.

شهداء ارتريا لم يستشهدوا من أجل النشيد الوطني وقطعة قماش هي العلم وسائر تلك الإكليشيهات، بل استشهدوا من أجل تحرير الأرض من الوجود الاستعماري الأجنبي وتحرير إنسانها من نير الجهل والتخلف والجوع والمرض، وقدموا أغلى ما يملكون من أجل الحريات والحقوق الانسانية الأساسية والتنمية والازدهار. لقد كان هذا الهدف المزدوج المتعلق بالأرض والانسان هدف الثورة منذ اعلانها. لذا تغنت أناشيد الثورة بأن (النضال لتحرير الأرض سوف يعقبه نضال من أجل حقوق وحريات الانسان) وبالفعل كما تنبأت تلك الأدبيات فإن هدف المرحلة الأولى – تحرير الأرض – قد تحقق، بينما هدف المرحلة الثانية – تحرير الانسان – لم يتحقق بعد بسبب غدر وخيانة طغمة الهقدف الحاكمة لأهداف ووصايا الشهداء. إن أرواح الشهداء ووصاياهم سوف تظل غاليةً علي مر الظهور. واستشهادهم مصدر إلهام وحماس لتحقيق المزيد من وصاياهم وليس مصدر يأس وقنوط من تحقيقها.

طغمة الهقدف كدأبها في انتهاز الفرص والمتاجرة بالقيم الوطنية الغالية مثل الاستشهاد والتضحية، تتاجر باسم الشهداء في استجداء التبرعات من المواطنين بالداخل والخارج، وتخصص لهم مقبرةً خاصة، وتزرع الأشجار باسم الشهداء وباسمهم تقيم مسيرات الشموع وتخصص العشرين من يونيو كل عام للاحتفاء بذكراهم، ولذر الرماد في عيون أسر الشهداء وذويهم تصنع أشجى الألحان الآسرة في التغني بأمجاد الشهداء. أما في واقع العمل وفي عالم الواقع لا تتناسب أفعال الطغمة مع تلك الشعارات الحماسية ولا تلك المسرحيات الرومانسية ركيكة الإخراج، فلم يتوانى نظامها في ضرب الشهداء الأحياء بالرصاص الحي، عندما قمع دون رحمة مسيرة جرحى التحرير الذين أعيقوا بفقد نصف أعضائهم في حرب التحرير، بل رفضت الطغمة استقبال جثث من ضحوا وناضلوا من أجل استقلال ارتريا وحرمتهم من توسد التراب الارتري دعك من أن يدفنوا في مقابر الشهداء. ثم تعدت ذلك الي التفريق حتى بين شهيد وشهيد لتعترف باستشهاد البعض وتنكر استشهاد آخرين، وبالجملة أنكر نظام الطغمة هدف التحرير الثاني المتعلق بحرية الانسان وسيادة الديمقراطية والاستقرار والتنمية والازدهار في ارتريا مما جعل البعض يصف الوضع السائد بالبلاد بأنه أسوأ من الوضع أيام الحكومات الاستعمارية وكل ما تغير هو أشخاص المستعمرين لا الاستعمار والكبت الاستعماري. وهل من إهانة وخيانة لأرواح ومبادئ الشهداء أكبر من ذلك؟؟!!!

إن أول إحياء لذكرى العشرين من يونيو في ارتريا المحررة كذكرى سنوية للشهداء استهله رأس الطغمة والنظام بإعلانه أنهم (لن يسمحوا بعد اليوم بمولد أو كرنفال للتنظيمات)، وبكل سهولة ودون حياء انقلبت ذكرى الشهداء بهذا الاعلان الرسمي وفي ميدان واحتفال عام الي ذكرى لخيانة ودفن مبادئهم وليس إحيائها ونشرها، ومنذ ذلك اليوم سارت أوضاع الشهداء والأحياء في ارتريا من سيئ الي أسوأ ولم تشهد أي تحسن. البعض يرى أن الاحتفال بهذا اليوم كذكرى وطنية لشهداء عامة ارتريا إنما يضفي قيمة وطنية علي الهقدف وعلي قرار اتخذه الهقدف، لكن يجب ألا نقلد نحن بدورنا الهقدف في التفريق بين الشهداء والتمييز بينهم بالانتماء السياسي والتنظيمي أو طريقة وسبب الاستشهاد، بل يجب علينا أن نحيي ذكرى جميع شهداء ارتريا ونجعلهم محل فخرنا واعتزازنا بغض النظر عن أين وكيف ومتى كان استشهادهم.

لعل من حسن الطالع أن تصادف مناسبة ذكرى شهداء هذا العام ( 2015م ) صدور تقرير إدانة نظام الهقدف بانتهاك حقوق الانسان عن أعلى هيئة عالمية هي الأمم المتحدة، والارتريون بالخارج وخاصةً بمدينتي جنيف وواشنطن يتأهبون لتسيير مواكب سلمية تطالب باتباع التقرير بإنفاذ الوصايا العملية الصادرة عنه. هذا ومن احترام وإجلال الشهداء وإنفاذ وصاياهم أن نشارك بجهدنا وصوتنا في تلك المسيرات الوطنية ذات الصفة العالمية، إن مفكرة أخبار ارتريا والارتريين اليوم لا تجد بها أخباراً إلا من نوع: شح وغلاء أو انعدام المواد الاستهلاكية الأساسية، سجن أو اختفاء فلان أو علان، مقتل عدد من الفارين في الحدود، عدد من الشباب الارتري بليبيا ذبحوا أو أعدموا بواسطة داعش، بل غرق عدد كبير من الشبان والأطفال والنساء الحوامل في البحر الأبيض المتوسط. وبدلاً من أن تصير ارتريا سنغافورا افريقيا كما تبجح رئيسها يوماً، فقدت بسبب رئيسها ونظامه الأرعن كل المقومات التي يمكن أن ترتفع بها الي مصاف سنغافورا ونمور آسيا لتتدهور الي الحضيض فتحتل المرتبة الثانية بعد سوريا في تصدير اللاجئين والمشردين في العالم. وهذا من أكبر الأدلة علي أن ارتريا في ظل هذا النظام لم تطبق شيئاً من وصايا الشهداء. إذاً إكرام الشهداء يكمن في تغيير الصورة القبيحة والمثيرة للشفقة والرثاء بل والاشمئزاز التي تكونت عن الارتري في العالم والمنطقة، ولن يتم ذلك إلا بإزالة النظام الذي هو سبب الداء وسر البلاء الذي أقلق راحة الشهداء في قبورهم. وهذه مهمتنا نحن طلاب الحرية والتغيير الديمقراطي لا مهمة النظام مهما ادَّعـَـى وتبجح. إن إنفاذ وصايا الشهداء دين في أعناقنا نحن لا الهقدف.

المجد والخلود لشهداء ارتريا

Last modified on Saturday, 27 June 2015 19:45