في هذا الاجتماع الذي استغرق 4 أيام استعرض المجلس الأوضاع علي صعيد الأوضاع بالداخل، معسكر المعارضة، عمل ونشاطات الحزب.
علي صعيد الداخل أكد الاجتماع أن الضيق والتبرم من الوضع المعيشي المتدهور والمنهار لم يعد يقتصر علي الشعب فقط، بل شمل حتى أعضاء الحزب الحاكم ومنتسبي القوات المسلحة، مغامرة الشباب بالهجرة نتيجة الواقع المعيشي المتردي وما يصادفهم من مخاطر وتكاليف تلك المغامرات هو الآخر في تزايد بنسب عالية للغاية.
المعنيون بالدفاع عن حقوق الانسان من منظمات وحكومات، الاتحاد الاوربي ومؤسساته، كل هؤلاء أدانوا نظام اسمرا، بل فرضوا عليه عقوباتٍ اقتصادية ودبلوماسية عديدة. كذلك فإن النداء الحار والجريء الذي أصدره رؤساء الكنائس الكاثوليكية الارترية الأربعة يبرهن علي مدى اتساع عمق الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ومن هنا فإن حزبنا في الوقت الذي يحيي فيه تلك المبادرة الشجاعة يدعو زعماء بقية المذاهب المسيحية وقادة الديانة الاسلامية الاحتذاء بذلك المسلك الكريم والباسل الذي سلكه زملاؤهم الكاثوليك.
الطغمة الدكتاتورية الحاكمة في ارتريا بدلاً من الإقرار بهذا الواقع ومعالجته عملياً فضلت الهروب الي الأمام ومعالجة الأمر برفع الشعارات الجوفاء وبث الأخبار الكاذبة من شاكلة نيتها في إنفاذ الدستور، إصلاح المؤسسات والهياكل الحكومية، اعتقال ومحاكمة المتورطين في عمليات الاتجار بالبشر، تحسن العلاقة بالخارج، تنامي الاقتصاد ...الخ ذلك من الأكاذيب والألاعيب الدرامية والكوميدية السوداء التي يبثها النظام ذراً للرماد في عيون الشعب والعالم. وفي هذا الإطار فإن حزبنا يدين بشدة محاولات النظام صرف أشكال المقاومة والنهوض ضده التي بدأ الشعب يبديها تجاهه الي تصنيفات سالبة بنعت تلك المحاولات بالجهوية أو الطائفية سعياً منه الي تمزيق وحدة الشعب وتماسكه في التصدي له.
هذا وبما أن النظام لا يمثل أي قطاع من قطاعات أو أديان الشعب الارتري وأن شظايا بطشه تطال كل الشعب الارتري، لذا نناشد شعبنا أن يحذر الوقوع هدفاً لتاكتيكات النظام وخططه لتمزيق وحدته وتقسيمه الي معسكرين متعاديين - معارض للنظام ومؤيد له - وأن يتصدى له بقوة موحداً ومتماسكاً، ليجتث بذلك النظام الذي يقف وراء كل أشكال ما يعانيه شعبنا من شقاء ومعاناة. وفي ذات الإطار ناشد المجلس المركزي رجال الدين في بلادنا أن يتمسكوا بقوة وصمود بمبدأ ( منع تداخل السلطتين السياسية والدينية ) ويمتنعوا بالتالي عن الاغترار بالمكاسب الدنيوية والمناصب الدينية العابرة التي يمكن أن يمنحهم إياها النظام، وأن يبعثوا الي شعبهم رسائل الوحدة والوئام.
علي صعيد نشاطات الحزب سجل المجلس تثمينه العالي للكمية الكبيرة والنوعية من النشاطات علي الأصعدة الدبلوماسية، الجماهيرية، الاعلامية، الاجتماعية، الانسانية ...الخ. كما اعتبر المجلس نجاح الحزب في الحصول علي عضوية منظمات وهيئات دولية نجاحاً كبيراً يضاف الي سجل نجاحات معسكر المعارضة الارترية.
في المجال الاعلامي والجماهيري أيضاً أكد أن حزبنا ترفـَّــع عن السير في درب الصراعات الجانبية وآثر الانخراط في كل ما من شأنه الإسراع باجتثاث الدكتاتورية.
أيضاً قيم المجلس الجهود الجبارة التي بذلها الحزب الإنقاذ حياة المهاجرين الارتريين الشباب وتذليل ومعالجة مشكلاتهم في كلٍّ من دول الجوار، صحراء سيناء، ليبيا، إسرائيل، جيبوتي، اليمن، وذلك عبر المذكرات واللقاءات المباشرة مع كل الجهات المعنية بشؤون اللاجئين وحقوق الانسان من دول ومنظمات، هذا وتكللت جهود الحزب هذه باستجابة رسمية مقدرة من قادة الاتحاد الاوربي ودوله الأعضاء، كما أشاد المجلس بالجهود الضخمة التي يبذلها الحزب لاستمرار مدرسة ود شريفي للاجئين الارتريين بشرق السودان في أداء رسالتها التعليمية السامية، وذلك رغم التكلفة المالية الباهظة لذلك الاستمرار. وفي هذا الصدد أشاد المجلس بالعون والإسهام الكبير الذي يبديه الأفراد والمنظمات في دعم وتمويل المشاريع التعليمية كالمدرسة المذكورة والصحية التي تسهر علي الرعاية الصحية والإعاشية للمعاقين الارتريين بشرق السودان، وخص بالتقدير في هذا المجال كلاً من الجمعية الارترو – سويسرية لرعاية الأطفال الارتريين ( ASSE ) والرابطة الديمقراطية الارترية (EDA) واتحاد المعاقين الارتريين ( ADE ).
أبدى المجلس إعجابه بصمود وتفاني عضوية الحزب المخلصة والتي صنعت كل نجاحات الحزب الدبلوماسية، الجماهيرية، الاعلامية والاجتماعية.
تعرض الاجتماع بعين النقد والفحص لمواطن الضعف والقصور في أداء الأقسام والأجهزة التنفيذية وتعهد بالشروع الفوري في إصلاح ما بها من خلل فور انفضاض الاجتماع. كذلك ناقش الاجتماع بجدية وعمق سير عملية التحضير لعقد المؤتمر الثاني للحزب المزمع عقده خلال العام القادم، وبهذا الصدد قرر الاجتماع إنشاء لجنة تحضيرية للمؤتمر من 9 أعضاء ولجنة ترشيحات كوادر قيادية من 5 أعضاء.
استمع المجلس لتقرير اللجنة التحضيرية لمهرجان ارتريا 2014م الذي قدمه الإخوة الأعضاء في التحضيرية، وأشاد بجهود ونشاطاتها ومساعيها الحثيثة لإنجاح المهرجان. هذا وبما اطلع عليه في هذا الشأن وصل المجلس الي قناعة راسخة بأن مهرجان هذا العام سوف يكون الأكثر تميزاً سواء من حيث حجم ونوع المشاركة والحضور، أو من حيث دقة الإعداد والتحضير.
أكد الاجتماع أيضاً أن الحزب سوف يواصل جهوده بلا كلل حتى تصل مساعي العمل المشترك بين تنظيمات المعارضة الي مراميها الوطنية.
توصل الاجتماع الي أنه بينما يزداد معسكر دعاة العدالة والديمقراطية قوةً واتساعاً، فإن معسكر الدكتاتورية يزداد تقلصاً وانحساراً. إلا أنه في الوقت ذاته أكد الاجتماع قلقه إزاء حالة التمزق التي يعيشها معسكر المعارضة وضرورة الإسراع في معالجة ذلك الاختلال المـُــقــْــلـِـــق. كما رأى الاجتماع ضرورة عقد سمينار جامع في أقرب فرصة ممكنة يشارك فيه الي جانب المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي، منبر للحوار الديمقراطي، حزب الشعب الديمقراطي القوى والمنظمات السياسية والمدنية التي لا تتمتع بعضوية المجلس الوطني، علي أن يتناول السمينار بالبحث والمعالجة كل إشكالات ومعيقات معسكر المعارضة الارترية. أيضاً دعا الاجتماع كافة مكونات المعارضة للعمل بمشروع حزبنا الوحدوي المجاز من مؤتمره الحزبي الأول والذي ينص علي ضرورة العمل علي وحدة التنظيمات ذات البرامج السياسية المتقاربة اندماجياً وخلق مظلة جبهوية بين التنظيمات التي بإمكانها الاجتماع علي برنامج الحد الأدنى.
مشيداً بنضالات قطاعي المرأة والشباب من أجل الديمقراطية والتغيير يناشد كلا القطاعين بتفعيل وتمتين أوعيتهما النضالية.
بما أن وسائل اعلام المعارضة الارترية ذات تأثيرٍ لا يستهان به، يرى الاجتماع توجيهها نحو كل ما من شأنه تمتين وحدة الشعب الارتري وتوجيه السهام الفتاكة الي صدر الدكتاتورية الغاشمة، هذا فضلاً عن ضرورة تركيز جهود المعارضة الاعلامية علي شؤون الداخل الارتري.
لكي تتسع دائرة نفوذ وتأثير معسكر المعارضة الوطنية ويستطيع بذلك الوصول لأهدافه يجب علي مكوناته أن تتجنب روح الإقصاء، وأن تقتدي بتجربة كفاحنا التحرري المسلح باستقطاب واستيعاب أبناء الوطن الذين كانوا يقفون في صفوف العدو المستعمر وتحويل وجهتهم الي صف الثورة الوطنية التحررية. فتستقطب هي – المعارضة – بدورها من لا يزالون مؤيدين للدكتاتورية الي صفوف مقاوميها، ولا تدعو الي محاكمات جزافية فكرية أو جنائية تدين مقدماً من لم يقف أمام محاكمها لكي يدافع عن نفسه.
اعتبر الاجتماع حادثة لامبيدوزا المأساوية التي راح ضحيتها المئات من شباب ارتريا والتي هزت ضمائر شعوب العالم، اعتبر تلك الحادثة دليلاً علي مدى تفاقم الأزمة الشاملة في البلاد والتي جعلت العيش في ظل هذا النظام القمعي ضرباً من المستحيل، هذا ويتوجه الاجتماع في ذات الوقت بالشكر والتقدير لأبناء شعبنا في الخارج لما قاموا به من دور في كشف أبعاد المأساة أمام الرأي العام العالمي. إلا أن الاجتماع من جهةٍ أخرى يعرب عن حزنه وأسفه العميق لما حلَّ بضحايا العبارة من قبل السلطات الرسمية الايطالية من عدم استكمال عملية فرز الجثامين، عدم استخراج ما تبقى من الجثث في البحر، بالإضافة الي عدم استكمال مراسيم دفن الجثث التي استكملت إجراءات عملية الفرز.
يبدي الاجتماع عميق الأسف إزاء القتال الدموي الدائر بين الاسرائيليين والفلسطينين، ويبعث بتعازيه للأسر المكلومة التي فجعت بفقد بنيها الأبرياء، ويؤكد أن الحرب ليست بالحل الملائم لأية مشكلة، لذا يناشد الطرفين الجلوس الي مائدة الحوار والتفاوض لوضع الحلول المرضية لشعبي البلدين، ويرى في الوقت ذاته أن تتحمل حكومات ومؤسسات العالم مسئوليتها الانسانية في خلق الأرضية الملائمة لإغاثة الفلسطينيين المتضررين إنسانياً.
في ختام أعماله وضع الاجتماع خطة العمل للدورة القادمة وانتخب من بين أعضائه بطريقة ديمقراطية القيادة التنفيذية التي تتولى إنفاذ ما خطه من برامج العمل.
بهذه المناسبة أعرب الاجتماع عن حزنه العميق علي رحيل رفاق نضال أعزاء توفوا هذا العام، هم الإخوة/ المناضل/ أسقدوم قبرمدهن (ودِّي باشاي)، المناضلة/ مبرات بيني (قوال بيني)، المناضل/ زكرياس فسهايي.
وفي ذات السياق يناشد الاجتماع جميع أصدقاء ومحبي الشعب الارتري ومنظمات حقوق الانسان الدولية والاقليمية أن لا تدَّخر جهداً في البحث عن أو استنقاذ حياة الأخ المناضل/ محمد علي ابراهيم المختطف قبل أكثر من عامين من براثن الاختفاء وراء أسوار سجون النظام وشبكات الإجرام المنظم.
لنناضل من أجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية والسلام
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
المجلس المركزي لحزب الشعب الديمقراطي الارتري
27 يوليو 2014م