هل هناك فرق بين الاختلاف والخلاف؟.. نعم، الفرق كبير بينهما في المعنى والممارسة.
الاختلاف يعني تفاوت في وجهات النظر و التباين في الرأي حول أمرٍ ما، أو موضوع او قضية، دون أن يؤدي الى اي شكل من اشكال النزاع او العداء، وهو أيجابيّ، ولا يُعيق الوصول إلى تفاهم مشترَك، وتبنّي الرأي الافضل الذي تمت الموافقة عليه. بإختصار يعني تنوع الآراء دون ان يؤدي اذلك إلى نزاع وعداء، وهو ظاهرة إيجابية اذا تمت ادارته بحكمة.
اما الخلاف عكس الاختلاف؛ يعني التعارض والنزاع في المسائل او القضايا، وقد يؤدي الى خصومة وعداء بسبب التعصب للرأي وعدم قبول الرأي الآخر وهو ظاهرة سلبية من الممكن ان يسبب الفرقة.
منذ ميلاد الحركة الوطنية الارترية في مطلع الاربعينات من القرن الماضي ممثلة في جمعية حب الوطن، سرعان ما دب الاختلاف بين عناصرها، والذي تحول الى خلاف لسوء ادارته بحكمة، و التعامل معه في اطار التباين في الرأي. وقد انتقل ذلك الداء العُضال الى الاحزاب التي ظهرت بعد انقسام جمعية حب الوطن، وهي ايضا انشقت بدورها، وصار الحزب الواحد اكثر من حزب، وانتقل الامر الى الثورة الارترية، وظهرت الانقسامات في عقدها الاول.
واليوم أيضا، تعاني المقاومة الارترية من نفس الداء الذي اصابنا في بداية نشأة الحركة الوطنية، ولذلك يمكننا القول بأنّ استمرار معاناة الحاضر يرجع الى عدم معالجة اخطاء الأمس، وسوف تستمر المعاناة إن لم تجد دواءً ناجعاً، لتنتقل إلى جيل المستقبل.
ان الشعوب التي لاتقرأ تاريخها بوعي، ولا تعالج مكامن الخطأ فيه، تعيش وهي تلدغ من نفس الجحر ولا تتقدم.
وفي وقتنا الحاضر اذا قمنا بتقييم موضوعي للحياة السياسية الارترية وممارستها، من قبل التنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والنشطاء السياسين، نجدهم الكل يغرّد بمفرده، الكل يريد ان يكون هو القائد وليس الآخر، وبهذ العقلية، وعند الشروع لإقامة مظلة جامعة، او تحالف واسع، او جبهة متحدة، في البداية، أول خطوة ستكون هي لعبة المحصلة الصفرية، والنتيجة واضحة وضوح الشمس، لا احد منا يكون الفائز، وسيخسر الوطن . ولذا عوضاً عن هذه اللعبة العقيمة والتي لم نجني منها ثمرة، لماذا لا نلعب اللعبة الأخرى، حيث يكون فيها الكل رابحاً "اي الوطن رابج" . إذ أنّ بالاتفاق فقط تبنى الأوطان، وليس بغيره.