Print this page

هل تنجح الجهود الإقليمية والدولية في إنقاذها؟ إثيوبيا على شفا حرب أهلية شاملة

2021-11-16 22:08:24 Written by  يسين محمد عبد الله Published in المقالات العربية Read 2231 times
Rate this item
(0 votes)

 

‫الرئيسية‬  مقالات  هل تنجح الجهود الإقليمية والدولية في إنقاذها؟ إثيوبيا على شفا حرب أهلية شاملة
مقالات - 15 نوفمبر 2021, 23:47

مداميك 15 نوفمبر 2021, 23:47

ما أن قالت الجبهة الشعبية لتحرير تغراي وحليفها جيش تحرير أروميا أنهما يقتربان من أديس أببا حتى أعلنت الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ في البلاد ودعت المسرحين من الجيش للعودة إلى الخدمة وناشدت المواطنين حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم ونفذت حملة اعتقالات واسعة ضد المنتمين للتغراي في العاصمة. تسببت تصريحات المتمردين وإجراءات الحكومة ونداءاتها في حالة ذعر بين المواطنين والبعثات الدبلوماسية في العاصمة الإثيوبية وقد دعت العديد من الدول رعاياها إلى مغادرة إثيوبيا وعدم السفر إليها.
إلى أين تتجه إثيوبيا؟
تسارعت التطورات العسكرية في إثيوبيا منذ نهاية أكتوبر الماضي مع اقتراب الذكرى الأولى لبداية شن الحرب على إقليم تغراي في الرابع من نوفمبر 2020. أعلن جيش دفاع تغراي عن سيطرته على مدينتين تقعان في إقليم أمهرا وتبعد إحداهما 250 كيلومتر عن العاصمة أديس أببا. وفي 5 نوفمبر أعلنت 9 فصائل إثيوبية من واشنطن تشكيل تحالف هدفه إسقاط حكومة ابي أحمد.
بالنظر إلى سرعة تقدم قوات المعارضة صوب العاصمة يبدو أن وصول هذه القوات إلى هدفها مسألة وقت فقط ما لم يحدث تغير مفاجئ في موازيين القوة لصالح الجانب الحكومي أو يتوصل الطرفان إلى اتفاق وقف إطلاق نار.
زادت التطورات الأخيرة من اهتمام المجتمع الدولي بالصراع الإثيوبي فقد زار إثيوبيا مؤخراً كل من أبا سانغو مبعوث الاتحاد الإفريقي وجيفري فيلتمان مبعوث الولايات المتحدة وأجريا مباحثات مع المسؤولين في أديس أببا كما التقى أبا سانغو رئيس إقليم تغراي ورئيس الجبهة الشعبية لتحرير تغراي دبرصيون مكئيل في عاصمة إقليمه مقلي.
جاء أول مؤشر إيجابي على احتمال نجاح مهمة المبعوثين الإفريقي والأمريكي بقبول تسوية سياسية للنزاع من الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي الذي وضع 3 شروط للتفاوض مع الجبهة الشعبية لتحرير تغراي؛ أن توقف الجبهة هجماتها العسكرية، تنسحب من المناطق التي سيطرت عليها في إقليمي العفر والأمهرا وأن تعترف بشرعية حكومة ابي أحمد.
يعد موقف الحكومة الإثيوبية الأخير تطور مهم فقد سبق أن لها اعتبرت كل من الجبهة الشعبية لتحرير تغراي وحليفها جيش تحرير أورمو منظمة إرهابية بقرار صدر عن البرلمان السابق. وللجبهة الشعبية لتحرير تغراي أيضا شروط للتفاوض مع الحكومة أهمها فك الحصار على إقليم تغراي، فك ميزانية الإقليم وإطلاق سراح المعتقلين والتوقف عن استهداف المنتمين لإقليم تغراي. يمكن للوسطاء تقديم رؤية متوازنة تمكن الأطراف من الدخول في تفاوض سريع ومثمر
اتخذت وزارة الخزانة الأمريكية يوم 12 نوفمبر عقوبات بحق 4 كيانات إريترية هي جيش الدفاع الإريتري، الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة وهي الحزب الحاكم والوحيد في إريتريا وشركتين تتبعان لهذا الحزب وضد فردين هما أبره كاسا مدير مكتب الأمن الوطني الإريتري وحقوس كشة مسؤول مالية الحزب الحاكم بسبب دور إريتريا في حرب تغراي.
الحكومة الإريترية ليست الطرف الوحيد الذي اُتهم بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في إقليم تغراي لكن يبدو أن الحكومة الأمريكية تمارس ضغوطاً عليها حتى تمنعها من التدخل مجدداً لنجدة ابي احمد هذا من جانب ومن جانب آخر يبدو إنها تريد إيصال رسالة لأطراف النزاع في إثيوبيا بأنها ستفرض عقوبات مماثلة عليها إذا عرقلت التوصل إلى تسوية سياسية للصراع.
دخول الجبهة الشعبية لتحرير تغراي بمفردها أو مع حلفائها إلى العاصمة أديس أببا لا يعني أن بإمكان تلك الأطراف بناء حكومة مستقرة في البلاد فالظروف السياسية والعسكرية الحالية تختلف تماماً عن تلك التي كانت سائدة في 1991 عندما دخلت تلك الجبهة العاصمة أديس أببا مع حلفائها من الإثيوبيين والإرتريين، هذه المرة تسيطر قوات إريترية وقوات من الأمهرا على مناطق يعتبرها التغراي جزءاً من إقليمهم. لقد كانت حرب 1991 ضد جيش حكومي والآن تمتلك أي من قوميات البلاد جيش خاص بها وبعضها يناصب التغراي العداء بسبب مظالم وقعت عليه أثناء فترة حكمهم للبلاد وبين أغلب تلك القوميات نزاعات حول حدودها أقاليمها.
وفي الجانب الآخر هناك تنظيمات مسلحة ترفض برنامج ابي أحمد الذي يهدف إلى إلغاء الفيدرالية وبناء دولة مركزية ولبعض تلك الجماعات عدوات مع الأمهرا الذين يسيطرون على الحكومة الحالية وكانوا يهيمنون على البلاد لمئات السنين.
التسوية السلمية للنزاع في هذه المرحلة تخدم مصالح كل أطراف النزاع الداخلي الإثيوبي فانهيار الدولة الإثيوبية يعني حرب شاملة بين القوميات الإثيوبية حول الأرض والسلطة والهوية.
سينعكس انهيار الدولة الإثيوبية على استقرار منطقة القرن الإفريقي وما جاورها. فعلى سبيل المثال وليس الحصر؛ سيتضرر السودان أمنياً، اقتصادياً واجتماعياً. ستكون حدوده معبراً للاجئين، السلاح والإرهابيين وستتوقف تجارته الحدودية مع إثيوبيا. ستضرر جيبوتي التي لن تخسر فقط مليار دولاراً أمريكيا تحصل عليها سنوياً كرسوم عبور تجارة إثيوبيا مع العالم الخارجي، بل سيلحق بها ضرر أمني فقد تجد نفسها طرفاً في نزاع داخلي بين العفر والصوماليين وتكون عرضة لعبور إرهابيين محتملين لحدودها.
ستضرر إريتريا من انهيار الدولة الإثيوبية حيث هناك احتمال كبير في نشوب نزاع مسلح مع إقليم تغراي يمكن أن يؤدي باستقرارها كلياً. وسيكون جنوب السودان الذي يعيش وضعاً أمنياً وسياسياً هشا عرضة للكثير من القلاقل وموجات اللجوء. وستجد حركة الشباب الصومالي في انهيار الدولة الإثيوبية فرصة ليس فقط لإحكام قبضتها على الدولة الصومالية إنما أيضاً لمد نشاطها إلى الأراضي الإثيوبية والكينية. حتى مصر التي تبدو بعيدة عن آثار انهيار الدولة الإثيوبية يمكن أن تضرر من استغلال محتمل للأراضي الإثيوبية من قبل إرهابيين لشن هجمات ضدها. كما أن انهيار الدولة الإثيوبية سيعقد وضع سد النهضة ويجعل منه قنبلة في أيدي جماعات مسلحة. وسيكون لانهيار الدولة الإثيوبية تأثير سلبي على أمن التجارة الدولية عبر البحر الأحمر وعلى أمن المملكة العربية السعودية واليمن جراء تدفق موجات من اللاجئين إلى أراضيهما.
تبدو الولايات المتحدة والتي هي المتضرر الدولي الأكبر من انفجار الأوضاع في إثيوبيا، الأكثر قدرة على إيقاف انزلاق إثيوبيا إلى الفوضى إذا استخدمت بفعالية أدوات التأثير التي تمتلكها. المطلوب زيادة الضغوط على أطراف القتال للتوصل لوقف إطلاق نار في أسرع وقت ومنع التغراي وحلفائهم من التقدم تجاه العاصمة وإجبار الحكومة الإثيوبية على التعامل بواقعية مع تطور الأحداث والتوقف عن بث خطاب الكراهية بين مواطنيها والامتناع عن استهداف بعضهم على أساس عرقي والاستجابة سريعاً لدعوات التسوية السلمية للنزاع.

 

Last modified on Tuesday, 16 November 2021 23:24