حوار مع الأخ/ منقستآب أسمروم رئيس حزب الشعب الديمقراطي

2015-10-05 21:03:54 Written by  إعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP News Read 3132 times

منذ العام 2012م وحتى مؤتمر الحزب الأخير – المؤتمر العام الثاني – وإلي هذه اللحظة ظل الأخ/ منقستآب أسمروم يترأس حزب الشعب الديمقراطي الارتري. وبعد انتخابه من المؤتمر الأخير عضواً بالمجلس الوطني انتخبه المجلس رئيساً لكلٍّ من المجلس المركزي (السلطة التشريعية للحزب) والمكتب التنفيذي (السلطة التنفيذية). وعندما كان الأخ/ أسمروم عضواً بأعلى المستويات القيادية بتنظيم المجلس الثوري ثم حزب الشعب تحققت في ذلك العهد الوحدةُ الثلاثيةُ الأطراف بين كلٍّ من حزب الشعب والحزب الديمقراطي والحركة الشعبية، تلك الوحدة التي تمخض عنها حزبنا الحالي الذي يحمل اسم حزب الشعب الديمقراطي الارتري. هيئة تحرير موقع الحزب الالكتروني (حارنيت. أورغ)(harnnet.org)جلست اليه وحاورته عن تجربته ومهامه وبرامجه المستقبلية وعدد كبير من قضايا الساعة فإلى مضابط الحوار:

حارنيت: هلا شرحتم لنا الظروف التي عقد الحزب في ظلها مؤتمره الثاني مؤخراً؟

منقستئاب: انعقد المؤتمر في ظل أحداثٍ جسام، فالشرق الأوسط وشمال افريقيا والقرن الافريقي يعاني من الحروب واضطهاد الأنظمة الدكتاتورية القمعية مما أوصل معدلات اللجوء والهجرة في تلك البلدان الي مستوياتٍ قياسية لم تعهدها من قبل.

أوربا بدورها أصيبت بالدوار من حمى اللجوء اليها، فهي لم تعد تعرف ما تفعله تجاه هذه الموجة العاتية من الهجرة اليها، هل تغلق الحدود؟ أم تقدم المساعدات لدول منابع الهجرة؟...الخ.

قيام لجنة التحقيق المكلفة بالتحقيق في أوضاع حقوق الانسان في ارتريا بتقديم تقريرها المكون من حوالي الخمسمائة صفحة الي مجلس حقوق الانسان الأممي.

الشباب الارتري المكتوي بنيران ومخاطر الهجرة من جحيم النظام في بلاده عبـَّــر عن إشادته بتقرير اللجنة الحقوقية عبر القيام بالتظاهرات الحاشدة المؤيدة للتقرير بكلٍّ من جنيف والمدن الغربية الأخرى.

أما علي صعيد الوطن فقد أبدى النظام الدكتاتوري تبرمه من تقرير اللجنة الأممية، كما شهدت الحقبة اتساع رقعة ظواهر النيل من وحدة الشعب الارتري بالإضافة الي غياب العمل والتفاهم المشترك بين مكونات معسكر المعارضة الارترية.

حارنيت: ما هو التوصيف الذي قدمه المؤتمر للوضع السياسي الارتري؟

أسمروم: وَصـَــفـَــهُ بما يلي:

1/ علي صعيد معاناة شعبنا بالداخل:

سياسياً: ارتريا اليوم دولة بلا دستور ولا قانون، تتركز فيها جميع السلطات في يد حاكم دكتاتور، ولا تجري بها انتخابات أو تنافس سياسي، هناك مجلس وزراء صوري لا سلطات لوزرائه، حقوقياً تردَّت البلاد اقتصادياً واجتماعياً وإنسانياً. كل الحقوق والحريات الأساسية في غياب تام عن البلاد، حيث لا صوت يعلو علي صوت الدكتاتور، الاعتقال العشوائي الذي يطال الخاصة والعامة، الخدمة العسكرية الالزامية بغير مدىً محدود فضلاً عن التجنيد الإجباري والعسكرة المستمرة لكل الفئات العمرية، كل هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان أجبرت الشباب الارتري علي التدفق مهاجراً مغادراً بلاده بلا عودة.

دبلوماسياً: دبلوماسية نظام إسياس الخرقاء والرعناء أدت الي عزل ارتريا التام اقليمياً ودولياً، ولأدواره في دعم الإرهاب والإرهابيين كمنظمة الشباب الصومالية فرضت علي البلاد عقوبات دولية ابتداءاً من ديسمبر 2009م.

في الآونة الأخيرة وذراً للرماد في العيون بدا النظام وكأنه بصدد إجراء تغيير في سياساته، فعلي سبيل المثال أعاد مندوبه في الاتحاد الافريقي بعد أن كان قد سحبه، بعد رواج أخبار اتهامه بالتورط في مساعدة الحوثيين قام بزيارة الي السعودية لترميم علاقاته بالمنطقة معلناً تأييده للحلف العربي المحارب لمتمردي اليمن بقيادة المملكة، مستغلاً المخاوف الأوربية والغربية عموماً من مخاطر تدفق هجرة الشباب الارتري اليها ابتز النظام الغرب بإعلانه أنه سوف يضع حداً زمنياً للخدمة الوطنية للشباب، وسوف يحسن من حالة حقوق الانسان في البلاد، كما يود وضع دستورٍ جديد ... الخ.

اقتصادياً: تسود ارتريا ندرة شديدة في المواد الأولية، كما تعاني من شح موارد العملة الصعبة، وكل ما تعيش عليه البلاد من مواد استهلاكية يأتيها عن طريق التهريب والاتجار بالطرق غير المشروعة، وعلي ندرة تلك المواد لا تتوفر للمواطن البسيط لغلائها الفاحش، هناك أيضاً قطاع كبير من المواطنين يعتمد في معاشه علي تحويلات المغتربين فقط.

توجد شركات بناء لكنها شبه منهارة حيث تعاني من نقص المواد والأدوات واليد العاملة، والقلة من الرأسماليين العاملة في هذا المجال ذهب أكثرها الي دولة جنوب السودان الوليدة، مما يستشف منه أنها لم تجد في بلادها ما تبنيه ولا حتى ما تقوم بترميمه.

أقيمت فيها الطرق الترابية وهي تربط معظم أنحاء البلاد ببعضها، لكنها تكاد لا تصلح لمرور البشر والبضائع، الطرق القديمة الموروثة من العهود الاستعمارية بدورها صارت في هذا العهد أقل قدرةً علي العطاء والتحمل، لذلك الطرق في ارتريا مثلها مثل سائر قطاعات الاقتصاد الوطني في طريقها الي التداعي والانهيار الشامل، كذلك كثيراً ما نسمع الضجيج والتفاخر بشق الترع وبناء السدود المائية لكنها لم توضع بعد في خدمة الشعب ولم تتم الاستفادة منها علي نطاق واسع.

اجتماعياً: تعليمياً تم إغلاق الجامعة الوحيدة بالبلاد – جامعة اسمرا – واستبدلت بمعاهد تكنولوجية رديئة التأهيل، ولا عائد معنوي أو مادي يرتجى من تلك الدراسة، إذ بمجرد إكمال المقررات الدراسية تترك العلوم المدروسة في مقاعد الدراسة ولا تنزل الي حقول التطبيق والاستعمال. كذلك فإن تلقي الدراسة الثانوية والتعليم العالي في معسكرات التدريب العسكري بات يعود علي الأسر والطلبة والمدارس بآثار سالبة وسيئة للغاية. صحياً تعرضت الخدمات الطبية للانهيار بنفس درجة انهيار الخدمات التعليمية، صحيح هناك مراكز وعيادات طبية تنتشر في كل ركنٍ من أركان البلاد لكنها مجرد مبانٍ بلا خدمات ولا أدوات صحية بل ينعدم في بعضها حتى الكادر الطبي. كم من المرضى يذهبون الي تلك المباني الفارهة للعلاج، لكنهم يعودون منها بخفـَّـيْ حنين، وإن وجد أحدهم تلك الخدمة فبطرق ملتوية كالمحسوبية والرشوة (بأخوي وأخوك) كما يقول التعبير الشعبي!! لذلك أدَّى هذا الترَدِّي في الخدمات الصحية بالبلاد الي تلقي المسئولين الحكوميين العلاج بالسودان.

معدلات التشتت الأسري واليـُــتــْـم المبكـِّــر ارتفعت الي نسب قياسية. أما الشباب والقوى القادرة علي الإنتاج فقد تدفقت مهاجرةً الي كل أصقاع العالم.

2/ علي صعيد الوضع في معسكر المعارضة:

معسكر المعارضة أو معسكر طالبي العدالة من ناحية الكم والاتساع في زيادة مضطردة، فشتان بين التسعينيات واليوم من حيث اتساع رقعة المعارضين للنظام، ففي التسعينيات كان أي حديث سالب عن النظام من العيوب والمحرمات، معارضو النظام أيضاً كانوا قلة، مؤيدو النظام طوعاً والمدافعون عنه كانوا يملأون الآفاق تفاخراً وضجيجاً، كان الأوان حينها مواتياً للنظام ضيـِّــقاً بالمعارضة، ومع ذلك فإن القلة الصامدة من المعارضين عضت علي مبادئها وصبرت حتى انقلب الوضع لصالحها، فاتسعت دائرة المعارضة للنظام من يومٍ الي آخر وانفسحت الدروب أمامها، فصار مسئولون كبار وأعضاء بحكومة وحزب النظام معارضين موالين للمعارضة معادين له، وكل من وجد فرصة للخروج من البلاد دبلوماسياً كان، طالب علم، أو عضواً بفرقة رياضية أو موسيقية طلب اللجوء حيث وصل، ولم يعد الي أحضان النظام ثانيةً، كما أن المواطنين من شتى الأعمار باتوا يتدفقون هجرةً وتشرداً فارين بجلدهم من جحيم النظام. هذا ومن أبرز حركات المعارضة والتمرُّد علي النظام من الداخل نذكر: إضراب المقاتلين في 1993م، الحركة المطلبية والاحتجاجية لجرحى ومعاقي حرب التحرير 1995م، احتجاجات سجناء معتقل عدِّي أبيتو بأسمرا، حركة أعضاء البرلمان وكبار المسئولين والصحفيين واعتقالهم في 2001م، محاولة 21 يناير 2013م بقيادة الضابط ود علي وبعض قطاعات الجيش...الخ. وفي ذات الوقت تعاظم في الخارج الدور النضالي الإيجابي لمنظمات المجتمع المدني التي لعبت دوراً كبيراً في توعية الشعب الارتري.

معسكر المعارضة وإن كان قد اتسع كماً إلا أنه وبسبب الانقسامات والتباينات داخله لم يعد ذا قدرة علي التأثير الفاعل علي الأوضاع، المؤتمر الثاني للحزب أكد علي أن ما يمد في عمر النظام هو انعدام المعارضة القوية القادرة علي زلزلة أركانه. اليوم وإن كان معسكر المعارضة قادراً علي إدراك وتحديد مواضع ضعفه وقصوره إلا أن المؤسف هو عدم قدرته علي معالجة تلك المواضع.

حارنيت: هل هناك فارق بين المؤتمر الأخير – الثاني – والذي قبله، وإن وجد فما هو؟

منقستئاب: المؤتمر الأول كان يحمل طابع المؤتمر التوحيدي بين تنظيمات سياسية مختلفة هي حزب الشعب، الحزب الديمقراطي، الحركة الشعبية، لذلك لم يكن من شأن المؤتمر الأول تقييم مراحل أو مهام سابقة، بقدر ما كان محطة لصياغة برنامج سياسي نظري وعملي ودستور للحزب الجديد يعكس التمثيل السياسي والتنظيمي والقيادي لتلك التنظيمات القادمة من خلفيات سياسية متباينة.

المؤتمر الثاني كان المطلوب منه تقييم نشاطات القيادة المنبثقة من المؤتمر الأول في الفترة من يوليو 2011 – يوليو 2015م في كل المجالات بالإضافة الي تحليل واستخلاص العبر والدروس مما كان سائداً محلياً واقليمياً وعالمياً من أوضاع سياسية أو إنسانية في الفترة المذكورة. هذا وبحكم الصلاحية المخولة له دستورياً أجرى المؤتمر الثاني بعد دراسة ومناقشات عميقة بعض التعديلات علي وثائق الحزب المقرة في المؤتمر الأول.

المؤتمر الثاني أيضاً ناقش بعمق ندرة المشاركة الشبابية في العملية السياسية النضالية الجارية وكيفية إشراك هذا القطاع الاجتماعي الهام في القيادة السياسية. وقد أكد المؤتمر أن هذه المهمة تتطلب تسخير العديد من الجهود لتحقيقها، ولتطوير العمل التنظيمي والتأطيري أكد المؤتمر علي ضرورة إدخال أساليب تنظيمية حديثة فضلاً عن إدخال وسائل الاتصال الالكتروني الحديثة في الربط بين مختلف الجهات الحزبية. أيضاً دعا المؤتمر الشباب الي المبادرة بالاشتراك في مختلف جوانب العملية النضالية الراهنة.

كذلك ناقش المؤتمر بطء وندرة مشاركة العنصر النسائي في المعارضة وأوصى بإجراء دراسة عميقة لهذه المسألة لتحديد أسبابها. كما أوصى برفع نسبة إشراك قطاعي المرأة والشباب في المستويات القيادية بأكثر مما هي عليه الآن. هذا ومن المبشر في هذا المجال أن عدد النساء في القيادة التشريعية المنتخبة من المؤتمر الأول كان اثنتين فقط، أما في المؤتمر الثاني فقد ارتفع الي خمس.

هذا وللعلم فإن اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثاني كانت برئاسة أنثى، وهذا في ظنـِّـي يحدث لأول مرة في تاريخ حزبنا والتنظيمات والأحزاب السياسية الأخرى.

المؤتمر الثاني أعرب عن تأييده التام لما توصلت اليه لجنة التحقيق الدولية حول وضع حقوق الانسان في ارتريا من قرارات مدينة للنظام الدكتاتوري في ارتريا، كما أبدى رغبة الحزب في التعاون مع اللجنة في كل ما يطلب منه فنياً ومعنوياً. ولم يكتف المؤتمر بذلك فحسب بل ناشد الجهات المعنية إنفاذ قرارات اللجنة عملياً بممارسة الضغط المكثف علي النظام حتى يستجيب لما طلب منه من امتثال لمطالب اللجنة. هذا وعلي صعيد الانتهاكات التي يعيشها شعبنا بالداخل أدان المؤتمر بشدة حملات هدم وإزالة المنازل دون تعويض.

من باب التذكير، كانت القرارات المتعلقة بالشباب والمرأة وتقرير لجنة حقوق الانسان ومسألة هدم المنازل قرارات جديدة أصدرها المؤتمر الأخير ولم تكن من قرارات المؤتمر الأول.

يذكر أن المؤتمر الحالي قد عقد في فترة شهد فيها الحزب نمواً دبلوماسياً عالياً في كسب الصداقات الحزبية والسياسية في مختلف أنحاء العالم، فهو عضو مراقب في منظمة الاشتراكية الدولية وعضو مؤسس وعامل في منظمة التحالف التقدمي الأممي للأحزاب اليسارية في العالم.

حارنيت: علي ذكر دور ومشاركة الشباب ما رأيك فيما يطرحه بعض الشباب من المطالبة بإقصاء جميع الكبار من الأدوار القيادية وتسليمها أو توريثها للشباب بصورة كلية، ما تعليقكم؟

منقستئاب: طال الزمن أو قصر، سوف يأتي التغيير في ارتريا، لذا علينا أن نستعد له من الآن حتى لا يفاجئنا ويضعنا أمام معضلات من نوع جديد. إن المدرِّب الذكي لا يترك فريقه يتدرب العمر كله دون تجديد عضويته بدماء شابة، لابد من تزويد الفريق بعناصر شابة من حين لآخر بديلاً لعناصر أكبر سناً وجب عليها الاعتزال والتقاعد، ومن ثم يعرف المدرب الكفء كيف يمزج وينسق بين تجربة الكبار وحنكتهم من جهة وقوة وحيوية الشباب من جهة. يجب أن ننظر الي عملية الإبدال والإحلال بين الشباب والكبار نظرتنا الي النهر الجاري، فالماء يتدفق تياراً وراء تيار ويتجدد دفعةً إثر أخرى دون اختلال ملحوظ في التوازن أو السرعة. لذلك فإن المدرب الذي يقصي قدامى اللاعبين المجرَّبين بالجملة ويحل محلهم شباباً حدثاء الأسنان من فرق الحواري والأزقة، فإن هذا المدرب لا شك يلحق بفريقه أشد الأضرار ويقوده الي الهزيمة المحققة بدلاً من الفوز المنتظر.

لذا وبهذه الطريقة من المزج بين الحديث والقديم من الأجيال في قيادتنا نستطيع أن نحافظ علي سيرورة نضالنا بقيادة غير متكلسة العظام ولا بصغيرة الأحجام ومحدودة الأفهام. الكل يخطئ ويصيب، للشباب سلبيات وإيجابيات وللكبار أيضاً، وبمزج إيجابياتهما معاً نتجنب سلبيات كليهما.

الإحلال والإبدال المتدرج للشباب مكان كبار وقدامى المناضلين له جوانب مفيدة أخرى، فهذه العملية تقلل من الشحناء والتناحر بين القيادات العتيقة المتكلسة أو السكوت المتبادل بينها علي أخطاء بعضها البعض والذي ينتج عن الملل من طول الفترة التي يعيشونها معاً في سنٍّ واحدة وطباع وسلوكيات متقاربة.

حارنيت: في هذه الآونة يكثر الحديث عن وضع معسكر المعارضة، ماذا قرر مؤتمركم حول التعامل مع هذا الوضع؟ وهل من خطوات عملية تم أو سوف يتم اتخاذها في هذا الصدد؟

منقستئاب: قرار المؤتمر بهذا الصدد هو الآتي: ( يؤكد المؤتمر الثاني أن حزب الشعب الديمقراطي الارتري سيظل ماداً يديه بصدق وثقة الي كل قوى المعارضة الحريصة علي إقامة مظلة وطنية عريضة يسودها الوفاق ويستظل بها كل مؤمن بالتغيير وساعٍ اليه، وتعمل بلا كلل علي إشراك الجميع في النضال ضد نظام الهقدف حتى إسقاطه، كما لن يتوانى الحزب عن التعاون مع كل المعنيين بمحاربة كل الأساليب والتقاليد الإقصائية المعيقة لحركة المعارضة).

ظل حزبنا ينبه الي أن خللاً رافق منذ البداية تعامل التنظيمات الارترية المعارضة مع مساعيها للائتلاف بينها أو مجمل عملها المشترك، فمنذ بداية التحضير لإقامة المؤتمر الجامع الذي انبثق عنه فيما بعد ما سمي بالمجلس الوطني للتغيير الديمقراطي سادت بين الجميع روح التعالي والإقصاء والتنافس غير المبرر علي مقاعد سلطة فطيرة وبائسة، حيث قضى المجلس كل عمره في المكايدة وتبادل الكراهية والبغض، لذلك كانت النتيجة مزيداً من التباعد والصراع لا مزيداً من التقارب والإخاء، الأمر الذي أدى الي إقعاد المجلس عن كل ما أوكل اليه من لملمة أطراف المعارضة وصناعة التقارب وتضييق الفجوات. وفي رأيي ما لم يخرج معسكر المعارضة من أسر هذا المأزق فلن يصنع إنجازاً ذا بال.

لذا ما يزال ضرورياً أن نعمل من جديد علي صناعة الوعاء أو الأوعية الجامعة للمعارضة الحاصلة علي الدعم والاعتراف الدولي والاقليمي والحائزة علي ثقة الشعب ودعمه وتأييده، حزبنا من ناحيته ما يزال علي قناعته الراسخة بضرورة العمل المشترك المتدرج حتى الاندماج بين التنظيمات المتقاربة برامجياً، وأن تعمل التنظيمات المتباينة فكرياً علي إنجاز ما تتفق عليه من برامج الحد الأدنى للعمل المشترك كالأهداف القريبة مثل إسقاط النظام الدكتاتوري وتأمين مرحلة انتقالية يسودها الأمن والاستقرار، فضلاً عن الاحترام المتبادل بين كافة مكونات المعارضة. إذاً علي معسكر المعارضة أن يدرك قبل فوات الأوان أن ما يعيشه الآن من تناحر ومشاغبات علي بعض لن يقوده الي سكة الأمان والإنجاز، لذا فليؤسس عملاً وحدوياً جديداً وبروح جديدة وخطوات جادة. حزبنا انطلق في هذا المجال بخطوات عملية، حيث عقد سلسلة من اللقاءات الثنائية بعدد من التنظيمات السياسية المعارضة هدف من خلالها إزالة الاحتقانات بيننا وبينها ومن ثم الوصول الي أرضية إيجابية صالحة لأي قدرٍ أو نوعٍ من العمل المشترك مما يتفق عليه الطرفان أو الأطراف المؤتلفة.

حارنيت: كيف ترى مشاركة الشعب في العملية النضالية من أجل التغيير في هذه الآونة بالذات؟

منقستئاب: الشعب الارتري راغب في التغيير، وهذا واضح لا جدال فيه، وفي إجاباتي الآنفة أوضحت أن معسكر معارضة ومقاومة الشعب للنظام في اطرادٍ وازدياد ومعسكر مؤازرته في تناقص وانحسار، بيد أن الكل يعلم أن التغيير لن يتأتى إلا بالتأطـُّـر في أوعية تنظيمية نضالية، نضالات الشعوب من حولنا وما تمخض عنها يؤكد صحة هذه القاعدة، أي ضرورة التنظيم، بيد أن تنظيمات المعارضة الارترية لم تكن علي قدر التحدِّي، وعلي العكس استعر بينها التناحر والتباغض مما أضعف ثقة الشعب فيها وقتل تحمسه لها وَمَــدّ للأسف في عمر النظام الدكتاتوري، لذا يمكننا القول إنه لطالما أعرب شعبنا عن رغبته في التغيير وبذل ما يطلب منه في سبيله لكنه عدِم من يقوده في هذا الدرب بثقة وإخلاص، وتظاهرة جنيف خير تعبير عن تلك الرغبة.

حارنيت: في رأيك ما المطلوب من طالبي التغيير عموماً وأعضاء الحزب علي الخصوص في هذه الآونة؟

منقستئاب: أطلب منهم حزبيين كانوا أو غير حزبيين أن يتركوا ويؤجلوا خلافاتهم الثانوية ويوحدوا جهودهم لإسقاط النظام الدكتاتوري، وفي حال وجود الخلاف يجب ألا تتجه الأمور نحو التصعيد الي الأسوأ والأبعد بل يجب حل الخلافات بالجلوس معاً علي مائدة الحوار وتبادل الرأي حولها بكل صراحة وأريحية وإدارتها بحكمة وحنكة، كما أناشد الجميع، أفراداً وتنظيمات وأحزاب أن يعطوا الأولوية للمهم والأهم وأن يتجنبوا إنفاق الوقت في التنازع والمكايدة حول ما لا طائل من ورائه.

أيضاً أناشد طالبي العدالة في المهجر بالذات أن يأتلفوا معاً أينما كانوا وينشطوا من ثم في كشف وتحدِّي نظام اسمرا الدكتاتوري وأن يساعدوا ويرشدوا في ذات الوقت إخوتهم من المهاجرين واللاجئين الجدد الي كيفية العيش والتواؤم مع طبيعة بلدان المهجر وأن يخففوا من معاناتهم بقدر الإمكان وأن يشجعوهم علي المشاركة في الأنشطة الوطنية. كما يجب أن نتحرك جميعاً في دعوة العالم والاقليم الي المسارعة في تخفيف معاناة اللاجئين الارتريين في دول الجوار كالسودان واثيوبيا بتقديم التأهيل والعون الفني والأكاديمي لهم.

كذلك علينا أن نتصدى بجسارة للسياسات الاوربية الجديدة المعادية لمصالح اللاجئين والمصادقة للأنظمة الدكتاتورية واتباعها سياسة الكيل بمكيالين في هذا الأمر، فهي من جهة ترسل لجان التحقيق حول حالة حقوق الانسان الي البلاد المحكومة بالأنظمة الدكتاتورية وتدين انتهاكاتها لحقوق الانسان، ومن جهة تغازل تلك الأنظمة الدكتاتورية وتقدم لها المساعدات المادية والمعنوية بحجة تخفيف معاناة مواطنيها لتسد بذلك باب الهجرة أمامهم متناسيةً أنه ليس بالخبز وحده يحيى الإنسان وأن أسباب الهجرة ليست ماديةً فقط. والقيام بهذا العمل يتطلب تكوين اللجان المشتركة وطرق أبواب الدبلوماسية الرسمية والشعبية وإسماع صوتنا المعارض عبر تنظيم التظاهرات الشعبية الضخمة كتظاهرة جنيف.

حارنيت: كلمة أو رسالة أخيرة مما لم يرد في الأسئلة أو الأجوبة عليها؟

منقستئاب: ما أود التذكير به ختاماً هو الدور الكبير لوسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي الالكتروني، هذه الوسائل إذا استغلت إيجابياً تقدم فوائد جمة للمجتمع، وعلي العكس تماماً إذا استغلت الاستغلال السيئ فلا حدود لضررها، لذا أناشد كل وطني غيور معارضاً كان أو موالياً للنظام أن لا يميل الي استخدام تلك الوسائل الاستخدام السيئ والضار بالشعب، علينا جميعاً أن ننتفع بخيرها في نشر القيم والثقافات الإيجابية ونتقي شرورها بالإمساك عن نشر القيم السيئة عبرها.

للأسف فإن استخدام الارتريين لتلك الوسائل من النوع الرديء والمقلِــق جداً، ولا أبالغ إذا قلت أننا كمجتمع ارتري لا نمتلك مواقع ووسائل اعلامية تتمتع بالمصداقية والمنطق والحياد والقدرة علي نشر العلم والمعلومات المفيدة، لا نستغل تلك الوسائل إلا في الصراخ والضجيج بتشويه بعضنا البعض ومدح أنفسنا فقط. لذا لا فائدة يرجوها شعبنا اليوم من تلك الوسائل والمواقع.  

لهذا السبب فقدت تلك المواقع والمصادر ثقة الشعب بها، كل وسائل الاعلام والاتصال الجماهيري يجب أن تكون أهدافها خدمة الشعب، تمليك الشعب مصيره، كشف جرائم النظام بحق الشعب، الرقابة علي أداء السلطات الحاكمة ...الخ.

ختاماً أقول لأصحاب المواقع وسائر وسائل الاعلام أن لا تكون مهمتهم مجرد نشر المواد الاعلامية كما هي دون تنقية أو تمحيص، بل عليهم مسئولية التأكد من ما إذا كانت المادة المنشورة تحمل رسالةً أو مضموناً يتناسب وأهداف وقيم الموقع أم لا؟ هل تخدم الشعب والوطن أم تضر به؟ وما الي ذلك!

حارنيت: عزيزنا منقستئاب أسمروم في الختام أصالة عن المحررين ونيابةً عن القراء نزجي لكم أسمى آيات الشكر والتقدير علي ما منحتمونا من ساعات ودقائق وقتكم الغالي متحملين الي جانب أعبائكم القيادية الجسيمة طول الجلوس علي أريكة لساعاتٍ طوال. شكراً مجدداً وكل عام وأنتم بخير.  

منقستئاب: أنا بدوري شاكر ومقدر لهذه الفرصة النادرة التي أتحتموها لي لتوصيل رسالتي الي جميع أعضاء الحزب وسائر الارتريين طالبي التغيير.

    

  

Last modified on Monday, 05 October 2015 23:06