خطاب (نحن) بديلاً لخطاب (نحن وأنتم)!!

2015-10-04 10:54:43 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in EPDP News Read 2255 times

لقد ظلت ارتريا طيلة حقبة ليست بالقصيرة واحدةً من أكثر الدول ذكراً في الاعلام العالمي، كما حصلت علي عدد كبير من الألقاب ضمن شهرتها العالمية هذه، فأحياناً توصف بأنها تحت الاحتلال أو الاستعمار وأحياناً أنها تعيش عصر الاضطهاد الذاتي أو الداخلي. وبدلاً من أن كانت في يومٍ من الأيام توصف بأرض الأبطال والمتفانين في تحرير بلادهم باتت توصف اليوم ببلاد القمع والظلم والتشرُّد والمعاناة، والارتريون يفخرون ببعض تلك الصفات ويخجلون من بعضها.

 

بلادنا لا شك حازت علي كل تلك الأسماء والنعوت بفعل بنيها وليس بفعل فاعل، هذا لا يعني أن أن الأمر كان خلواً من عوامل ومؤثرات اقليمية وخارجية، واليوم أيضاً لأبنائها دور ولقوى الخارج دور فيما يجري فيها، لكن مصيرها النهائي لن يتقرر إلا بأيدي بنيها. واليوم تتعاظم المسئولية الوطنية لأبنائها وتتعقد أكثر من أي وقتٍ مضى. ففي الماضي لم يألوا الارتريون جهداً في جعل بلادهم ذات سيادة ومكانة بين الأمم. لقد تحدوا وقهروا جميع الصعاب حتى وصلوا الي ما وصلوا اليه من مجدٍ وسؤدد. واليوم أيضاً تقف أمامهم نفس الصعاب والتحديات وهي أكثر تحدياً وصعوبة وخشونة. وفي المرحلة النضالية الراهنة نحن حددنا قضيتنا وتحدِّينا بأن نتحد جميعاً من أجل محاربة النظام القمعي الظالم، لذا يجب أن نحذر ونتجنب فخ الخلاف والتشرذم الذي يحاول أفورقي حياكته ليل نهار ومن ثم نكون في غاية الحذر من أن لا تنزلق أمورنا من أيدينا وتصير بيد الآخرين.

 

هناك سؤال يطرح نفسه، ألا وهو: (ما سر نجاح الارتريين في السابق في قهر كل التحديات التي جابهتهم؟)، بالطبع لن يتوانى الكثيرون من الرد بأن ذلك يكمن في طباع الشجاعة والبطولة والتضحية التي يتميز بها الارتريون، ونحن لا نغمط شعبنا الارتري تلك الصفات ولا ننكر تمتعه بها، إن سر نجاح وانتصار الارتريين هو إيثار كل منهم الآخر علي نفسه ورفع شعار (نحن) بدلاً من شعار (نحن وأنتم). إنه ترك خلافاته الثانوية وقدم مصلحة الشعب والوطن العامة علي المصالح الخاصة والضيقة. ولا نبالغ إذا قلنا إن شعبنا قد طبق في حياته مبدأ (الوحدة قوة).

 

 

الحياة كما نعلم تتكون من ثنائيات متضادة، هناك مناصر وهناك مخذِّل، غالب ومغلوب، وقد مضى النضال والانتصار الارتري التاريخي وفق هذا المبدأ. ونفس المبدأ ينطبق علي نضالنا الحالي، فعندما تصطدم قوتان يبحث كلٌّ منهما عن عوامل النصر وأي الجوانب من الخصم أقوى لكي ينهال عليها بالضرب فيضعفها. وكما أسلفنا فإن الأعداء الذين كانوا متأكدين من أن عنصر قوة الشعب الارتري يكمن في وحدته الصلبة لم يتركوا وسيلة من وسائل إضعافها إلا واتخذوها ليتمكنوا من ثم من إخضاع شعبنا. وبذلك نجح شعبنا في اجتياز كل الاختبارات التي تعرضت لها وحدته.

        

إن التكتيك الذي يختاره بدقة أعداء وحدة شعبٍ ما لإضعاف تلك الوحدة يدخل في حساباته تكوين الشعب المستهدف، فعلي سبيل المثال حاول الكثيرون اتخاذ التعدد والتنوع الديني والمناطقي عامل تمزيق أو إضعاف للوحدة الوطنية، لكن صمود وحدة شعبنا أمام تلك الاختبارات مكنه من التمتع بما يعيشه اليوم من السيادة الوطنية. لذلك ما تزال الوحدة هي الصخرة التي تتكسر عليها محاولات تمزيق شعبنا الهزيلة الي يومنا هذا.

 

الناشطون في مسرح إضعاف وحدة الشعب بالطبع متعددون ومتغيرو الأوجه أو السياسات، ففي حقبة النضال الوطني التحرري كان من الطبيعي أن يتولى المستعمرون استخدام تلك الحياة والسياسات المستهدفة للوحدة الارترية، أما في حقبة ما بعد التحرير فإن طغمة الهقدف الدكتاتورية الحاكمة هي التي ورثت هذا الدور عن المستعمرين. وبما أننا وضعنا هذا النظام في قائمة مضطهدي شعبنا فلا يمكن أن نتوقع منه خيراً لشعبنا أو لوحدته، وهل يسعى من اتخذ اضطهاد وإذلال شعبه منهجاً، هل يسعى الي تمتين وحدته وتغذية وعيه الوحدوي؟! لذلك فمن غير المقبول ولا المهضوم أن لا تنتهج قوى التغيير النقيضة للنظام الدكتاتوري نهج الحرص علي وحدة الشعب.

 

(كيف إذاً يتم تكييف وحل قضية الواقع الارتري الماثل أمامنا؟) هذا السؤال القلِــق والمُـقـْــلِــق تجده اليوم علي لسان كل ارتري مهموم بقضايا وطنه، البعض قد يرد عليه بلا أدريـَّـة ولا مبالاة، وهناك اليائس المحبط الذي يرد بأنه لا حل لقضيتنا هذه، لكن بالطبع لكل مشكلة حل، هناك أيضاً من يجيب بأن مشكلتنا بإدراكٍ منا أو بغير إدراك نابعة من إخفاقنا في إيجاد الحل، بخلاف ذلك فإن القضية الارترية ليست عديمة الحل، نعم الحل لا يأتيك وأنت جالس في قعر غرفتك، بل تبحث وتكدّ وتشقى في البحث عنه، هناك كم كبير من ذوي الضمائر الحية والقلوب غير المحبطة يجيبون علي هذا السؤال بأن ( مشكلتنا تكمن في عدم استعدادنا لتلقف وتطبيق الحل الذي ينادي علي نفسه في كل الطرقات المؤدية الي الحل، هؤلاء المتفائلون يرون أن الحل يكمن في الاتفاق علي كل ما من شأنه إنقاذ الشعب والوطن ورفع وتطبيق شعار (نحن) بدلاً من (نحن وأنتم). وهذا إذا قلبته علي كل الوجوه سوف يسفر عن أن مشكلتنا لم تعدم الحل بل من يأخذ بيد الحل الي التطبيق والنفاذ. بخصوص هذا الحل فإن البرنامج السياسي لحزب الشعب الديمقراطي الارتري ينص في الفقرة1.1.2 علي الآتي ( إن حزبنا يعمل علي أن تصبح ارتريا دولة يسودها السلام والوحدة، ومستفيداً من تراث البطولة والوحدة الغني لدى شعبه يحافظ علي الوحدة والتنوع الوطني الارتري).     

Last modified on Sunday, 04 October 2015 13:58