Print this page

بحضور ومشاركة ارتريين وألمان سمينار بفرانكفورت يناقش قضايا هجرة الارتريين

2014-12-03 20:07:13 Written by  اعلام حزب الشعب الديمقراطي الارتري Published in المقالات العربية Read 6889 times
Rate this item
(0 votes)

اعلام حزب الشعب

الديمقراطي الارتري

4 / 11 / 2014م

تحت عنوان ( تدفق هجرة الارتريين: المشكلة والحلول الممكنة ) انعقد في الأول من نوفمبر 2014م سمينار مفتوح بمدينة فرانكفورت الالمانية/ ضاحية كيرشبلاست، شارك فيه بأوراق النقاش كلٌّ من: السيد/ كرستوف بوش، السيدة/ هايك هكر، السيد/ دبساي نقاسي والسيد/ منقستئاب اسمروم.

Chairman-on-Exodus-of-Eritrean-refugees1السيد/ كرستوف بوش والسيدة/ هايك هكر

افتتحت السيدة/ هايك هكر السمينار الذي استغرق الفترة من الثالثة والنصف ظهراً الي السادسة والنصف مساءاً، افتتحته بكلمة ترحيب بالحضور. أما السيد/ بوش وبعد التعريف بنفسه والنادي الصحفي الذي يرأسه والمهتم بتعليم اللغة الالمانية لغير الناطقين بها ومن ثم الانتقال الي مطالعة الصحف الالمانية والاهتمام بما ينشر فيها، وأضاف بوش أن عنوان السمينار من بنات أفكار السيد/ منقستئاب أسمروم، كما أشاد بما قام به كلٌّ من: كرستيان براوز وفطوم دبساي من الإعداد التقني للسمينار عبر برنامج (Power Point)، ثم عرَّف بالأستاذ/ منقستئاب أسمروم ودعاه الي المنصة لتقديم ورقته.

Chairman-on-Exodus-of-Eritrean-refugees2أسمروم يلقي محاضرته

أسمروم عرَّف الحضور بسيرته الذاتية فضلاً عن كونه رئيس حزب الشعب الديمقراطي الارتري، كما تقدم بالشكر للحضور كافة ومعدي السمينار فنياً وأدبياً بصفة أخص، ثم شرع في تقديم ورقته المعدَّة باللغة الانجليزية. بعد ذلك عرضت الورقة للتداول بين الحاضرين عبر برنامج (البور بوينت) باللغتين الانجليزية والالمانية، ثم أتيحت الفرصة للحضور للإدلاء بآرائهم واستفساراتهم.

بعد استراحة قصيرة تم تقديم ترجمة موجزة بالالمانية لنداء بابوات الكنيسة الكاثوليكية الأربعة بواسطة الأخ/ موسيي سمري. وهذا بدوره جرت حوله مناقشات واستفسارات عميقة، وفيما يلي نورد بعض ما تقدم من الأسئلة والتعليقات والأجوبة عليها:

Chairman-on-Exodus-of-Eritrean-refugees3الأخ/ موسيي سمري يقدم ملخص النداء البابوي الكاثوليكي الارتري

    

1-      ما هي مصادر دخل النظام الارتري التي يعتمد عليها؟

نظام اسمرا الدكتاتوري لديه قانون يلزم كل ارتري بالخارج بدفع نسبة 2% من دخله، وكل من لا يسدد ما عليه يتضرر من ناحية التمتع بالحقوق التي تتيحها له مواطنته أو جنسيته الارترية، فمثلاً يحرمون من امتلاك أو حتى وراثة أي شيء هناك، بما في ذلك امتلاك المنازل أو الاستثمار داخل البلاد، هذا فضلاً عن أنهم يحرمون من أية خدمات يمكن أن تقدمها لهم سفارات النظام بالخارج مثل استخراج الشهادات والعقود وتوثيقها و...و...الخ. لذا فكل علاقة أو حق بالداخل للمواطن الارتري بالخارج يرتبط بدفع هذه النسبة أو عدم دفعها، أيضاً للنظام مصدر دخل خارجي آخر هو تحويلات المغتربين الي ذويهم بالداخل. مجندو الخدمة الالزامية أيضاً مصدر آخر من مصادر دخل النظام فهم يعملون بنظام عمل أقرب الي السخرة وكل ما ينتجونه من الدخل والانتاج يصب خالصاً في خزينة الدولة. أضف الي ذلك أن النظام الاقتصادي السائد في ارتريا الآن هو نظام الاقتصاد الموجه (command economy) أي إن الدولة هي التي تقود زمام أمر الاقتصاد، فماعدا مؤسسات صغيرة وضئيلة للغاية تملك الحكومة والحزب الحاكم معظم المؤسسات والممتلكات بما في ذلك الأرض. وفي ظروف كهذه لابد من أن ينشأ عالم اقتصادي سري خارج القانون ومملوك للدولة ومؤسساتها في نفس الوقت. من جانب آخر هناك دعم اقتصادي يقدم للنظام من الأنظمة الدكتاورية في منطقتي الشرق الأوسط والعالم العربي. وعموماً يمكننا القول إن النظام يعيش في الغالب الأعم مما ينهبه من المواطن بالداخل والخارج وعن طريق الإرهاب والإجبار ليس إلا.!

Chairman-on-Exodus-of-Eritrean-refugees42- يا ترى ما الذي يجبر النظام علي إبقاء المواطنين في حياة وظروف عسكرية دائمة بحجة خدمة أو حماية الوطن؟ هل بالفعل هناك مخاوف جادة وحقيقية علي الوطن تضطر النظام الي ذلك؟

بمجرد اعلان ارتريا دولة مستقلة عبر استفتاء 1993م افتعل النظام حروباً مع جميع دول المنطقة والجوار، علماً أن تلك الدول المستعداة قد اعترفت سلفاً باستقلال وسيادة ارتريا، لذا لم يكن هناك خوف من أن تعتدي تلك الدول علي السيادة الارترية لا في السابق ولا في الحاضر، الأمر الذي تنتفي فيه أية حجة للتجنيد والتسليح الدائم للشعب. لكن النظام في خوف دائم من الشعب بالداخل ومن الدول المجاورة لما ارتكبه في حقهما من جرائم وإرهاب دائم. إذاً لا خوف علي الشعب والوطن بقدر ما هناك خوف ذاتي من النظام علي نفسه، نفسه فقط، ونظام بهذه الصفات لا يعيش في أجواء السلم والاستقرار، بل يعيش وينتعش في أجواء الحرب والتوتر.

3- هل كانت ارتريا واثيوبيا دولةً واحدة انفصلتا عن بعضهما، أم لم يكونا دولةً واحدة علي الاطلاق؟

مبدئياً ارتريا مثلها مثل بقية دول القارة الافريقية من نتاج الاستعمار الاوربي، ودولة ارتريا القائمة اليوم لها علاقة بذلك الكيان الذي أسسه الاستعمار الايطالي، فبعد غزو واحتلال ايطاليا ارتريا عقد الطليان في الفترة من 1890 – 1910م اتفاقات ثنائية لترسيم الحدود بين الكيان الارتري الذي أسسوه وحكومة الامبراطور منليك الثاني الاثيوبية، وحتى انهزام ايطاليا في الحرب العالمية الثانية ظلت ارتريا مستعمرةً ايطالية. ثم انتدب عليها المعسكر الاستعماري المنتصر بريطانيا التي أدارتها مدة عشرة أعوام. ثم ارتبطت ارتريا باثيوبيا فدرالياً في 1952م، وفي عام 1962م قامت اثيوبيا بإلغاء الاتفاق الفدرالي من طرف واحد وأعلنت ضم ارتريا اليها كولاية اثيوبية، ومنذ ذلك الوقت خاض الشعب الارتري حرباً تحررية مدة ثلاثين عاماً حقق عبرها تحرير كامل ترابه الوطني في 1991م وأكد الشعب الارتري رغبته في الاستقلال عبر استفتاء وطني عام 1993م حيث أعلنت ارتريا منذ ذلك الحين دولةً مستقلة ذات سيادة معترف بها دولياً.

    Chairman-on-Exodus-of-Eritrean-refugees5Chairman-on-Exodus-of-Eritrean-refugees6

4- ما أسباب تقهقر ارتريا؟

لأنها تحكم من قبل أبشع نظام دكتاتوري في العالم.

5- يبدو أن الورقة لم تقدم حلاً ملموساً، كيف تنظرون أنتم الارتريون الي هذه الورقة؟

 في البدء يجب أن ننظر الي نوع الظروف والحكم السائدين في بلادنا الآن والتي أعدت الورقة في ظلهما، فالنظام الدكتاتوري لا يسمح بحرية التعبير ولا بإجراء البحوث العلمية الناقدة في شؤون كهذه بالذات، فهو يعيش علي حياة الرعب التي صنعها لحماية نفسه، بما في ذلك زرع الجاسوسية وعدم الثقة بين أفراد الأسرة الواحدة، ودراسة أعدت في مثل هذا الجو المرعب والمتعب لا شك قد بذل في سبيلها تضحيات ثمينة وإنكار للذات، ومن أعدوا التقرير مضحين بأنفسهم ضربوا مثالاً للتضحية مكنهم من إقناع الكثيرين بسلوك دربهم في التضحية، لذا علي الارتريين شعباً وأفراداً أن يتحملوا مسئوليتهم وينفذوا المقترحات الشجاعة لهذا البحث. وأهم محتويات البحث المطالبة بتحمل الشعب مسئولية إنقاذ نفسه بنفسه. فارتريا اليوم تعيش في أسوأ حالات التمزق والتبعثر، ومسئولية إنقاذها من هذا الانهيار تقع علي عاتق شعبها، كلنا ينتظر قيام الشعب بهذه المهمة بنفسه قبل الآخرين. كما يجب أن نعلم أن البحث قد أعد من قبل أناس أكفاء وشخصيات هامة، ومثل هذه البحوث الجادة تتطلب الدراسة بتأنٍّ وتعمق. كذلك يجب أن لا نحمل الشعب مسئولية تشريد أو تهجير الشباب، والشباب بنفسه رفض هذا المنطق بشجاعة.

6- هل هناك مخاوف من قيام النظام باتخاذ عقوبات تجاه من ساهموا في إعداد التقرير؟

بالتأكيد، فالنظام لا يتحمل أدنى قدر من النقد والمناقشة. وقد حدث في تجاربنا الكثير من الممارسات القمعية من اعتقال واغتيال وقتلٍ مباشر ارتكبها النظام بأعصاب باردة. والكل يعلم كيف تصرف النظام مع رفاق النضال والحكم عندما رفعوا أصواتهم بالإصلاح وتسديد المسار!! بل يتدخل في شؤون الطوائف الدينية المسلمة والمسيحية فيسجن هذا ويقيل هذا من منصبه الديني، ولا نشك لحظة أن حياة الأساقفة الكاثوليك الذين أصدروا النداء الشهير (أين أخوك، أختك؟ ...الخ) سوف تكون بمأمن من انقضاض النظام عليها طال الزمن أم قصر. وقد اعتقل وشرد وصارد ممتلكات من رفضوا أداء الخدمة الوطنية مثل طائفتي البينطي والجهوفا، بل أطلق الرصاص الحي علي مجتازي الحدود من الشباب الفارين من جحيم العسكرة الدائمة. علماً أن الكنيسة الكاثوليكية الارترية بالذات عانت الكثير من هذا النظام ومنذ فترة طويلة. فقد تم تشريد رجال الدين الكاثوليك وصودرت ممتلكاتهم وعطلت صحفهم ومطبوعاتهم.

7- يوجد لدينا في هذه المدينة الكثير من المهاجرين الارتريين القصر، الأمر الذي يعني أن أسرهم قد تقصدت العمل علي تهجيرهم لتحسين ظروفهم أو ظروفها الاقتصادية، وإلا فكيف وبمساعدة من وصلوا الي هنا؟

ليس هناك من لا يبغي الخير لنفسه، ولكن هؤلاء المذكورون لم يبتعثوا من قبل أسرهم طلباً لظروف معيشية أفضل، بل السبب الأساسي يكمن في أن أسرهم تحاول بقدر الإمكان الإفلات بأرواحهم من الوقوع في أسر وعبودية نظام الخدمة العسكرية الالزامية الدائمة، هذا ما حدا بهم وبأسرهم الي الهجرة. كما أنهم علي يقين بعدم تحسن الظروف في بلادهم في ظل وجود هذا النظام. نعلم تماماً أن معسكر ساوا للتدريب في انتظار من هم علي مقاعد الدراسة الابتدائية والمتوسطة الآن، لذلك من الطبيعي أن نجد بين المهاجرين قصراً ومقاطعي دراسة يرفضون هذا المصير المظلم فيلقون بأنفسهم في مهب رياح مخاطر الهجرة. حيث ليس لديهم من طريق آخر لإتمام دراستهم لا يمر بمعسكر ساوا.

Chairman-on-Exodus-of-Eritrean-refugees7أحد الشباب ممن مرُّوا بتجربة ساوا المريرة حكى للحضور مأساته بادئاً بالتساؤل الاستغرابي الاستنكاري: (هل بين الحضور من يقتل نفسه أو ينتحر أو يخاطر بحياته طائعاً مختاراً؟!) ثم أجاب: بالطبع لا، وأضاف أنه يحكي تجربته الشخصية كشاهد عيان، حيث قال: لقد أمضيت 4 أعوام بساوا قضيتها بين سجنٍ وتعذيب وإطلاق السراح مع العمل الشاق كعقوبة إضافية، بل جرت محاولة لقتلي، وفي ساوا ماعدا التدريب العسكري لم يكن لدينا أي تأهيل تعليمي أو فني آخر، وحتى إن كان هناك وقت للدراسة فإن إرهاق التدريب العسكري لا يهيئ النفس لتلقي أي علوم أخرى ذات بال، لذا اخترت أن أهاجر الي هنا متجاوزاً مخاطر لا تحصى، وقد وصلت الي هنا بالفعل بعد أن تكبد أهلي دفع مبلغ اثني عشر ألف دولار. وهذا المبلغ يشكل في ارتريا مبلغاً محترماً كان بإمكاني أن أستثمره وأعيش به معيشةً هنية، ولكن من أين لي ذلك مع النظام الذي لا يعترف بإنسانية الانسان وحقوقه وحرياته وأن يعيش بهناءٍ واستقرار، لذا اضطررت التضحية بالمال لكي أنجو بجلدي في المقام الأول. إذاً هجرتنا لا تنبع من الفقر أو الحاجة للمال أو لتحسين الأوضاع المعيشية.

الأخ/ منقستئاب أسمروم أشاد في نهاية السمينار بحيوية المشاركة والتفاعل من قبل الحضور، وأرجع أسباب تدفق هجرة الارتريين الي وجود حكم الفرد الدكتاتوري علي سدة الحكم في البلاد وعدم وجود نظام إداري راشد. وأضاف أن حل هذه الإشكالية العويصة ليس بالسهل، بل يتطلب تضافر جهود دول المنطقة والمجتمع الدولي بأسره، الحل المطلوب يتمثل في إرساء نظام حكم دستوري يؤمن بسيادة مبدأ حكم القانون. كما أكد علي أن إغلاق الحدود في وجه المهاجرين والهاربين من جحيم النظام أو إرجاعهم مجدداً الي من حيث أتوا ليس بالحل الأمثل والناجع. وأخيراً ألمح أسمروم الي أن لقادة ورجال الدين تأثير فاعل علي الشعب الارتري لذلك سوف تفتح نداءاتهم الجريئة وتصديهم المشرِّف للقمع والدكتاتورية الأبواب أمام الشعب كي يقوم بدوره المؤثر والرئيسي في وضع الحد لمأساته.

أدناه نورد ترجمة لورقة السيد/ منقستئاب أسمروم المقدمة في السمينار بعنوان ( هجرة الارتريين: الأسباب والحلول المقترحة ):

هجرة الارتريين: الأسباب والحلول المقترحة

منقستئاب أسمروم

ارتريا قطر صغير تبلغ مساحته 120 ألف كلم مربع وسكانه ستة ملايين نسمة يتألفون من 9 قوميات، قامت دولة ارتريا علي يد الاستعمار الايطالي قبل 124 عاماً. يعتمد أغلب السكان في معيشتهم علي الزراعة، الرعي وصيد الأسماك.

مرت ارتريا بسلسلة من الحقب الاستعمارية المتعاقبة، وقد قاوم شعبها المستعمرين الأجانب بشتى الوسائل السلمية والمسلحة، وبعد كفاح مسلح مدة ثلاثين عاماً ( 1961 – 1991م ) حقق الشعب الارتري تحرير كامل ترابه من الوجود الاستعماري الاثيوبي، وبعد استفتاء ابريل 1993م نالت ارتريا استقلالها المعترف به دولياً.

كما نعلم جميعاً تنتج الهجرة أو اللجوء والتشرُّد الاجتماعي عن الكوارث الطبيعية، الحروب، الفقر، الفساد، سوء الحكم والإدارة.

الموجة الأولى من اللاجئين الارتريين:

لجأ الارتريون بكمية معتبرة لأول مرة العام 1967م، ففي هذا العام استعمل المستعمر الاثيوبي سياسة الأرض المحروقة لتجفيف منابع وخلفيات الثورة التحررية للشعب الارتري، فقام بالإبادة الجماعية للشعب وإحراق القرى في مهد الثورة بالمنخفضات والأطراف الشرقية لاقليم أكلي قوزاي، حيث نتج عن ذلك لجوء عشرات الآلاف من الارتريين للسودان، وكانت أغلبية هؤلاء اللاجئين من المسلمين.           

الموجة الثانية من اللاجئين الارتريين:

في العام 1974م حدث في اثيوبيا انقلاب عسكري علي نظام الامبراطور هيلي سلاسي انبثق عنه نظام الدرق العسكري، هذا النظام قام بسلسلة من أعمال الرعب تجاه الشعب الارتري وكثف من هجماته علي فصيلي جبهة التحرير الارترية والجبهة الشعبية لتحرير ارتريا، نتج عن ذلك لجوء مكثف للارتريين من جميع أنحاء ارتريا للسودان، الشرق الأوسط وحتى أوربا وأمريكا.

الموجة الثالثة من اللاجئين الارتريين:

الحرب الأهلية (80 – 1981م ) والتي حدثت بين فصيلي النضال الارتري الرئيسيين/ الجبهة والشعبية والأخيرة مدعومة بقوات الجبهة الشعبية لتحرير اقليم التجراي الاثيوبي، أسفرت تلك الحرب عن نزوح عشرات الآلاف من مقاتلي جبهة التحرير الارترية الي السودان، والكثيرون من هؤلاء المقاتلين وجدوا طريقهم القانوني وغير القانوني الي الشرق الأوسط وأوربا وأمريكا. كما لم يلبث الارتريون أن تأثروا في84 – 1985م بموجة الجفاف والتصحر ثم المجاعة التي أصابت سائر بلدان منطقة القرن الافريقي، حيث اضطروا الي اللجوء والنزوح بكميات وفيرة نحو بلادٍ عديدة.

الموجة الرابعة من اللاجئين الارتريين:

حرب (1998 – 2000م) الحدودية بين ارتريا واثيوبيا تسببت في الموجة الحالية للجوء الارتريين والتي لم تتوقف حتى الآن. لكن العامل الرئيس في هذا التدفق لهجرة الشباب الارتري بالذات يكمن في برنامج ما يسمى بالخدمة العسكرية الالزامية المستمر بلا انقطاع. هذا البرنامج بدأ بقانون يلزم كل المواطنين من عمر 18 – 40 بأداء الخدمة الوطنية العسكرية الإجبارية مدة 18 شهراً فقط.

يغلب علي موجة اللجوء الرابعة هذه فئة الشباب تحت الخامسة والعشرين من العمر، وبرنامج الخدمة الوطنية الذي تحول الي استعباد دائم لهؤلاء الشباب وما يسببه من بؤس اجتماعي واقتصادي هو الدافع الرئيس لهجرة هؤلاء الشباب، هذا وحسب ما ورد في الإحصائيات الرسمية للمنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين فإنه يعيش في السودان حوالي 300.000 لاجئ ارتري مسجل في سجلات الجهات المعنية ونصف هذا العدد في اثيوبيا، علماً أن هذه الأعداد لا تشمل غير المسجلين أو الذين وجدوا طريق عبور مباشر الي دول أخرى. كما تقول تلك الإحصاءات أن ثلاثة آلاف يدخلون السودان يومياً، كما أن هناك من يموتون منهم في الحدود برصاص حرس الحدود الارتري.

يسلك المهاجرون الارتريون نحو شتى البلاد طريقين رئيسيين هما:

1-      من ارتريا ---------- الي السودان أو اثيوبيا ومنهما ---- الي ليبيا فإيطاليا

2-      من ارتريا ---------- الي السودان أو اثيوبيا ومنهما ---- الي سيناء بمصر فإسرائيل

يجدر بالذكر أن المعبر الثاني، أي عن طريق مصر واسرائيل اخترع بعد العام 2006م لدى وصول حكومتي ليبيا وايطاليا الي اتفاق جدي يحد من الهجرة غير الشرعية عبر أراضيهما. علماً أن من يدخلون الي اسرائيل بهذا المعبر يلقى بهم في السجون ومعسكرات الاعتقال فور وصولهم بحجة أنهم دخلوا البلاد بطرق غير شرعية، وبالتالي لا يتم اعتبارهم لاجئين أو طالبي لجوء. كما أن اسرائيل كثيراً ما تحاول إجلاء هؤلاء المهاجرين الي بلاد افريقية تتبنى إقامتهم بها مقابل مساعدات من اسرائيل.

تجارة البشر ومهربو البشر بالطرق غير الشرعية:

الناشطون الرئيسيون في هذه التجارة هم قبيلة الرشايدة في السودان وبدو مصر وليبيا، إلا أن العملية برمتها أعقد وأوسع تشابكاً وشبكةً بكثير من هذا التحديد. إذ تضم الشبكة عساكر وضباط أمن وجيش بلدان ارتريا، اثيوبيا، السودان وليبيا، كما تضم بعض ناشطي ومسلحي المتطرفين المسلمين ببعض بلدان شمال افريقيا، بالإضافة الي أطباء وتجار سلاح ومخدرات.    

الضحايا يباعون من سيد الي آخر، ولكي يتحرروا من محتجزيهم يضطر الواحد منهم الي دفع مبلغ يتراوح بين ألفين الي خمسين ألف دولار امريكي. علماً أنه حتى يتم الدفع تمارس علي الضحية ضغوط نفسية وجسدية لا طاقة له بها تشمل الاغتصاب وشتى أنواع التعذيب الجسدي البالغ.

كلما كان ذوو الضحايا يقيمون ببلاد الغرب يكون المبلغ المطلوب للفدية أكبر، ولممارسة الضغوط النفسية الفعالة علي الشخص الدافع يتم إسماعه استغاثات وآهات الضحية عبر الموبايل، وفي حالة عدم الدفع يتم استئصال الأجزء الحساسة من أعضاء الضحية وغالباً ما تموت الضحية أو يتم التخلص منها بالإتلاف (القتل كيفما اتفق).

في حال تضاؤل نسبة تدفق اللجوء الجديد التي هي مصدر خصب للمهربين يلجأ المهربون الي اختطاف ضحايا جدد من اللاجئين المسجلين والمقيمين بمعسكرات اللاجئين الرسمية.

كثير من المهاجرين يتعرضون للموت في الطريق نتيجة لمختلف الظروف والأمراض، ولن ينسى العالم مأساة العبارة التي غرقت ثم احترقت بجزيرة لامبيدوزا الايطالية في الثالث من اكتوبر 2013م والتي راح ضحيتها أكثر من 360 مهاجراً ارترياً. وقد وصف بابا الفاتكان المأساة بالمؤسفة والمحزنة عالمياً، واعتبر تاريخها ذكرى مأساوية تدق ناقوس الرثاء والبكاء في العالم. وقد لقيت كلمات البابا فرانشسكو الانسانية المؤثرة أصداء إيجابية لدى الحكومة الايطالية والاتحاد الأوربي وآخرين بصفة عامة فقررت تحسين سياستها بهذا الصدد.

كذلك فإن بيان قادة الكنيسة الكاثوليكية الارترية الأربعة الصادر في 25 مايو 2014م وجد الإشادة من بابا الفاتكان الذي اعتبره دعوة لاستنهاض كل الارتريين طاقاتهم في التصدي الجاد لمشكلاتهم. هذا وقد نبه البيان الروحي المذكور الي أنه ما لم يتم وضع الحد لتدفق سيل الهجرة فإن مصير ارتريا وشعبها قد يصبحان خبراً من أخبار كان وأثراً بعد عين.

التوصيات:

1-      إجراء تغيير سياسي إيجابي في الدول مصدر هذه المشكلة – مشكلة الهجرة – التي يعاني منها كلا الطرفين، المهاجـَــر منه والمهاجـَــر اليه. وفي ارتريا بالذات يجب أن يسود نظام حكم تعددي ويتم إنفاذ الدستور بالإضافة الي تحرير سجناء الرأي والضمير وإلغاء برنامج الخدمة الوطنية أو أن لا تتجاوز مدته ال 18 شهراً المألوفة عالمياً.

2-      الي أن يتم إنفاذ الحلول النهائية يجب توفير أوضاع لجوء أفضل في معسكرات اللاجئين الارتريين بكلٍّ من السودان، اثيوبيا، جيبوتي واليمن.

3-      العمل علي استتباب الأمن والاستقرار علي الحدود بين ارتريا وجيرانها.

4-      تمتين وتعزيز حماية وحراسة معسكرات اللاجئين.

5-      خلق فرص سياسية واقتصادية أفضل للمهمشين من قبائل الرشايدة والبدو في بلدانهم.

6-      تنسيق جهود مكافحة تجارة البشر بين كلٍّ من ارتريا، اثيوبيا، السودان ودول شمال افريقيا.